الجمعة، 21 ديسمبر 2012

ملخص عن جبران خليل جبران

الملخص:

إن شخصية جبران الدينية قد دخلت في الإبهام نظراً إلی أفكاره المتعددة حول الدين، فهذا يعتبره «كافر وملحد» والآخر ينظر إلیه نظرة تفاؤلية ويعتبره «نبيّاً» دون ريب.
هل كان جبران متديناً؟ ماذا يعتقد جبران في الأديان؟ سعيت بقدر استطاعتي أن أجيب عن هذه الأسئلة في هذه المقالة.
وفي نهاية المقال نشيرإلی ما وصل إلیه هذا البحث: هو اعتقاد جبران بتوحيد الأديان فيقول إن جذور الأديان ترجع إلی طريق وحيد وینتهی هذا الطريق لإله واحد ولخالق واحد مهما تغيّرت الأسماء والعناوين ومهما تختلف الأسماء والظواهر، فللبشر طينة واحدة وهي تتصل بالألوهية المقدسة.

المقدمة:

لا تبدودراسة جبران خليل جبران أمراً سهلاً وهوذوأبعاد مختلفة، فقصدت في هذا الجهد المتواضع أن أتطرق إلی آثاره وأفكاره في مقال تحت عنوان «جبران خليل جبران وموقفه من الدين.» نعبر في هذه المقالة إلي العوامل التي أثر علی جبران وأدّت إلی تمرّّده في الحياة وناقشت البيئة العائلية والاجتماعية وآراء جبران حول الدين والشريعة والإنسان.
ثمّ تناولت الإسلام والمسيحية بشكل خاص وأفكار جبران بالنسبة إلی هذه الأديان تحديداً وآتيت بما يعتقد جبران في الكتب السماوية (القرآن الكريم والإنجيل).

الكلمات الدليلية:

جبران خليل جبران، الشريعة،الدين، رجال الدين،المتاجرة بالدين، الحرية الدينية،التمرد، الإسلام والمسيحيّة
ترجمة جبران خلیل جبران
1300-1349ھ /1883-1931 م
«هوجبران بن خلیل بن میخائیل بن سعد ، من أحفاد یوسف جبران البشعلاني اللبناني نابغة الکتاب المعاصرین الأمیرکی ، وأوسعهم خیالاً ، أصله من دمشق ، نزح أحد أجداده إلی بعلبک ، ثم إلی قریة بشعلا في لبنان وانتقل جده یوسف جبران إلی قریة «بشرّي» وفیها وُلد جبران في لیلة السادس من کانون الأول سنة 1883م/1300 ھ » [1] كان جبران قد فقد أيّ حظ من أبيه بينما كانت تعاني أسرته من عدم مسئولية أبيه في الأسرة. لأن« والده شدید البأس قانعاً من دنیا ه بخمرة تذهله عن مصائب الحیاة. إلتزم عدّ الأغنام والماعزفی الجرود لیُجبی عنها الرسوم للدولة.
أمّه «کاملة رحمة» ابنة الخوري اسطفان، نشیطة، حادة الذکاء. کانت زواجها من خلیل جبران أرملة حنّا السلام رحمة» [2]کان رجلاً ، طیباً ، فأخذها إلی البرازیل ومات هناک بعد أن وضعت له بطرس ،ثم أنجبت جبران وسلطانه وماریانا من خلیل جبران . « في الخامسة من عمره دخل مدرسة «مار الیشاع» في طرف بشّري حیث تعلّم مبادي العربیة والفرنسیة والسریانیة وفي العطلة الصیفیة تردد إلی جدّه الخوري اسطفان فالتقی عنده رهباناً إیطالیین یحملون رسوماً فنیّة استهوته وتحبّب إلیه التصویر» [3]
«لمّا بلغ جبران الحادیة عشرة واجهته أزمة عنیفة دمغت حیاته کلّها بعلامة سوداء .أوقف أبوه بتهمة اختلاس وفُرضت علیه إقامة جبریّة في مرکز قریب من المحکمة واحتجزت أملاکه ، فضاقت سُبُل العیش بوجه العائلة فاضطرت إلی مغادرة لبنان طلباً للرزق وهرباً من الذلّ. » [4]
حياته في بوسطن
لقد أدی الفقر والحرمان وأيضاً الأوضاع السياسية والإقتصادية المتدهورة في لبنان إلی هجرة أسرة جبران.ولهذا حملت کاملة رحمة أولاها الأربعة إلی الولایات المتحدة « فوصلت إلی مدنیة بوسطن في 25 حزیران سنة 1895 م حیثُ أقامت في حّي الصینیین، أَقدم أحیاء المدینة وأضیقها» [5]

سلسلة الأحزان:

إن(الموت) في أسرة جبران زرع فيه بذر الطغيان والتمرد وأدی إلی رحلته من لبنان إلى (بوسطن) و«في عام 1902م، عاد جبران إلی بوسطن ، محطم القلب ، جریح العاطفه ، عارم النفس بالثورة علی مقابح المجتمعات ، غیرأنّه سرعان ما توجه ، بصحبة إحدی العائلات الأمیرکیة ، لزیارة بعض بلدان أوروبا والشرق ، فلما أن عرّج علی ایطالیا، ووصل إلی بیروت ، أتته الأنباء حاملة إلیه نعیّ أخته «سلطانه» التي قضی علیها السّل ، کما استدعی علی جناح السرعة لرویة والدته التي اشتدت علیها العلّة أیضاً ، فکان أن صرخ صرخته المشهورة التي حملته علی الکفران: لقد مات ربي عندما أمات «سلطانه» فکیف أحیا بعد الیوم ، بلا رب.» [6] ورجع جبران الی بوسطن ،« لیروّی بدمعة ثری أخت حبیبة حال القدر دون یُلقي علیها شقیقها نظرة الوداع الأخیر ، حتی إذا حسب جبران أن القدر هادنة قلیلاً ، تهاوت أمّه ، ثم تهاوی أخوه «بطرس» تحت وطأة السّل الفاتک ، وأبقاه وحیداً مع مریانا ، یعیش بجناح واحد ضعیف» [7]
وکأنما أحسَ جبران أن الداء لن یهادنه ، هوالأخر ،فإذا به یعاني تجربة الموت والحیاة ، ویقف مشدوهاً ، متسائلاً ، متفلسفاً، أمام ظواهر الوجود: من أین یولد الإنسان؟ لماذا یولد؟ لماذا یحیا؟ وإلی أین المصیر؟ وبذلک یضیف إلی تجربة الفقر والمرض ، والأغتراب ، والحبّ المحطم ، تجربة المصیر المظلم.
حياة جبران الاقتصادية والاجتماعية والسياسية:
أما من ناحية المالية ؛ كان الفقر والحرمان قد أحاط حياة جبران بأكمله ويقول ميخائيل نعيمه حول هذا الموضوع:«فکیف له أن یفرّج من قلبه فیسکب عواطفه في قوالب الشعریة ، إذا کان فکرة تائهاً في صحاري المعیشة یفتّش من الریال ولایجده؟ وکیف یتاح له أن یستغلّ ما في تربة خیاله الخصبة من قصائد ورسوم ، مادام صاحب البیت لایقبض شعراً منثوراً أجرة بیته... » [8] كانت (ماريانا) أخت جبران أمله الوحيد للمعاش، ما كانت قادرة علی هذه المهمة حتي لنفسها مهما كانت تعمل الخياطة.
الاحتضار:
إن السل والأمراض الكبدية قد قتلت جبران وأخيراً مات جبران في لیلة العاشرة من نیسان سنة 1931م في مستشفی القدیس فِنْسِنْتْ.وهوفي غیبوبة ،والطبیب لایقدّر أنّه یعیش حتی منتصف اللیل ... وجبران علی فراش الموت ... سألته الراهبة:
- هل أنت کاثولیکی؟ فأجابها بنبرة قویة:
- کلّا!
فترکتْه وانصرفت .

العوامل الرئيسة لتمرّد جبران

1-البيئة المنزلية:
لقد كان محيط جبران المنزلي، من أهم المؤثرات التي ولّدت التناقض الرهيب في نفسيته، «لأن هذا المحيط كان متبايناً تمام التباين مع جوالطبيعة الخلابة التي تغمر «بشرّي». كان جبران يری في الطبيعة جنّة أحلام عواطر، وملاذ صفاء وهناء، بينما بيتُه جحيم يأس قاتل، وكهف شحناء وبؤس مقيمين، في الطبيعة كان جبران يستمع إلی شدوالطيور، وهمس النسيم، وحفيف الأوراق فوق الغصون، وأمّا في منزله، فكان لايسمع إلّا عواء فاقة ضاربة وعربدة والد سكّير، وأنين أمّ مؤمنة صابرة علی مضض الزمان، مات زوجها الأول مخلفاً لها طفلاً يتيماً «بطرس» شقيق جبران الأكبر، فتزّوجت من خليل جبران، لعلّها تبدّد شقاء الترمل، فما كان زواجها الثاني إلا ليزيدها بلاءً علی بلاءٍ، فتمرض بالسّلّ الذي سيودي وبأولادها، ومنهم جبران نفسه، بعد مدّة من الزمن؛ وإذا بأشباح البؤس العائلي، والفقر المادي، والمرض الفتاك، تطوف في مخيلة الفتی جبران، حتی إذا قارن بين واقع محيطه المنزلي، وواقع بلدته الغافية في عالم الجمال الطبيعي الساحر، تولّدت في نفسه مفارقات وتناقضات، ونتجت عن هذه التناقضات ألوان من التمرّد العنيف، والثورة الجموح، سوف ترتسم خطوطها، وتنعكس أصداؤها في مؤلفاته جميعاً.» [9]
2- البيئة الاجتماعيه:
من ناحية الإجتماعية كان جبران في جوٍ ملئ بالظلم والجور من قِبل العثمانيين إضافة علی الحرمان والفقر والتمايز الطبقي. « كانت البيئة الاجتماعية في أواخرالقرن التاسع عشر، بيئة معقدة ظالمة، تُقرّ التمايز الطبقي، وتأخذ بالتعصب الطائفي، وتتبع سبل الإقطاعية، في وجهيها السياسي والديني، فضلاً عمّا حلّ بالبلاد من ضائقه اقتصادية، ومن وهن في آلة الحكم، حتي لم يعُد في البلاد إلا طبقتان متناقضتان: إحداهما تموت من الفقر، والمرض، الجوع، وثانيتهما يبطرها الثراء الفاحش، والرفاهية والتخمة بأنواعها. هذه البيئة الاجتماعية التي تُسيغ المظالم، تستبيح حتی حرمات القلوب، فإذا الحبّ الذي انعقد بين قلب جبران خليل جبران، وقلب «حلا ظاهر» (ويسمّيها في الأجنحة المتكسرة: سلمی كرامه)، يتهاوی تحت أقدام التمايزالطبقي، لأنّ «حلا» من طبقة الإقطاعيين الأغنياء وجبران من طبقة الفلاحين المزارعين الفقراء. وهذا الحب البائس الذي نُتف ريشه، وقُصًّ جناحاه، قبل أن يحلّق في عالم الروح، كان دافعاً قوياً من دوافع الثورة علی المظالم الإنسانية، لدی جبران خليل جبران.
الحرية في أمريكا
«ولقد رحبت أمريكا آفاق الحرية الدينية عندالعرب المهاجرين، وجعلتهم يودعون – فيما ودعوه في أوطانهم – ذلك التعصب الديني الذي كان يبدوعلی أكثر وجوهه عنفا في لبنان خاصة، وفي الشرق العربي عامة، لقد كان وجه الطائفية البغيض يتمثل للعرب النازحين في بلاد تقدس الحريه السمحة الجميلة، سواء أكانت حرية في الفكر، أم في المعتقد،‌أم في الأوطان.
إن الفرق الشاسع بين حرية الأديان في العالم الجديد، وبين التعصب الديني في الأوطان للمهاجرين العرب قد دلهم بوضوح علی أن الطريق الجامد المتعنت لا يفضي إلی تحرر في الفكر، ولا إلی استواء في القصد، ولا إلی قوة في الكيان،‌وأن بلادهم لم يصبها بالضعف والتخاذل وانحلال القوة وتفرق الكلمة ألا ذلك التعصب الطائفي الذي عطلها وعوقها عن السير في طريق النهوض.

رأي أدباء المهجر في الأديان

للحصول علی دراسة الدين عند جبران لابد من دراسة الدين عند أدباء المهجر بشكل عام وعند جبران بشكل خاص. « إن كثيراً من أدباء الغرب لا ينظرون إلی الأديان نظرة ملؤها القدسيّة والإحترام، فكذلك نری شعراء المهجر لا يأبهون بتعاليم الدين، ولا يحفلون بمراسم العبادة،‌حتی إن إيليا أبا ماضي يزعم أن «جهنم» ليست غير فكرة تاجر، وأن الله أمرالناس بأن يرحم بعضهم بعضاً، فكيف يرضی بأن يعذبهم.» [10]

الحريه الدينيه:

البيئة التی هيّأتها الغرب وعاش فيها أدباء المهجر كانت قرينة بالحرية وبعيدةً عن ما يخوّف رجال الدين، فاستطاع أدباء المهجر أن يبرزوا آراءهم حول الدين بحرية كاملة وهنا نتناول هذاالموضوع في الأدب المهجري. «الحرية هي الدعامة الأولي التي قام عليها الأدب المهجري، سواء في المعتقدات الفكرية والمذهبية والاجتماعية، أوفي التعبير وفي فنون البيان. والحرية الدينية عامل عظيم التأثير، وركن من أهم الأركان التی جعلت الأدب المهجري يظفر بما ناله إلی اليوم من التقدير والأعجاب، ويحتل مكانته البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث. ولعل المهجريينِ هم أهمّ فئة من رجال الفكر العربي الحديث نشرت معاني التسامح والتسّامي في الدين،‌وجعلت لذلك نصيباً كيبراً من أدب أربابها: الشعر منه والنثر.
ففي أدب هؤلاء المهاجرين نجد الحرية في التفكير والتعبير، والمناقشة والتفسير لشؤون الدين، بعيداً عن روح التعصب والجمود، والتسليم الأعمی لما جاء في كتب الدين وشروح رجاله. وأما التكفيرالذي يرمي به الشرقيون بعضهم بعضاً، وتتهم به كل طائفة وكل ملة أختها، فهوأبعد مايكون عن تفكيرالمهجريين وعن معتقداتهم وهم أبعد ما يكونون عن قبوله أوالتسليم به» . [11]
نظراً لما قلنا فالنتيجة هي:
كلّ هؤلاء المهجريين يؤمنون بالله ويدعون إلی الإيمان به ولكنهم لا يرونه لعيون المعتقدات المذهبية التي نشأوا عليها في طفولتهم. فالسؤال: أي إلهٍ يؤمن به جبران وقد أدهش الجميع حتی إتّهم الناس جبران بالتكفير وما زالومتعجبين: «إله جبران إله خاص، تنهل نزعته الصوفية من مناهل وتأثيرات متقاطعة في مابينها: المسيحية، الاسلام، التصوّف الاسلامي ( مذهب الاتحاد بالله وإحادية الوجود) ديانات الهند الكبري، الباطنية، التيوصوفيه، علم النفس اليونغي (نسبة إلي يونغ)... .
يعتقد جبران بأن الإيمان أمر فردي وفطري والأديان لها منشآ واحد والمنشأ هوذات الإلهي المقدس.، وهويقول: «تقول فكرتكم: الموسوية، البرهمانية، البوذية، المسيحية،والاسلام. أما فكرتي فتقول: ليس هناك دين واحد مجرّد مطلق تعدّدت مظاهره وظلّ مجرّداً». من مقالة «لكم فكرتكم ولي فكرتي». وفي موضع آخر، ترد هذه العبارات الآسرة: «أنت أخي وأنا أحبّك، أحبّك ساجداً في جامعك، وراكعاً في هيكلك ومصلّياً في كنيستك، فأنت وأنا أبناء دين واحد هوالروح، وزعماء فروع هذا الدين أصابع ملتقية في يد الألوهية المشيرة إلی كمال النفس» (من كتاب دمعة وإبتسامة) » [12] ليس الدين شيئاً فيه التظاهر حسب رأي جبران،‌بل عمل فطري ويتعلّق بالإنسان ونيته. «كان الدين هوالواقع الذّاتي والعمل هوالتّعبير عن هذا الواقع فلقد دعا جبران إلی عمل دينيّ حرّ تكتشف الذات من خلاله طاقاتها، والمجهول الذي لم يتبلور بعد، فالدين في جوهره ليس عملاً شكليّا طقسياً وإنّما أعمال تعكس ما تخبّأ في النفوس وتجوهر بالنّيات «ولا الدين بما تظهره المعابد وتبيّنه الطقوس والتقاليد، بل بما يختبئ في النفوس ويتجوهر بالنّيات. » [13]

الشريعة في رأي جبران:

حينما يری جبران الشريعة لا تتلائم المتعالية وتنحصر بالزمان والمكان وآلةً في يد رجال الدين، يبداء بإنتقادها. نقصد دراسة «الشريعة» حسب نظرة جبران: هوينتقد الشريعة لأن رجال الدين يسرقون من الضعفاء بضاعتهم وأموالهم وليس الشريعة إلا آلةً يستخدمها الأقوياء في الدين لأطماعهم..هذه هي الشريعة التي يعانيها جبران وينتقدها. إن الشريعة قانون وضع للضعفاء فقط وقد حُرم الضعفاء والنساء (وهن من الضعفاء) من حقوقهم الإنسانية لأنهم يقيدون أنفسهم في إطار قوانين الشريعة التي تفرض عليهم حدوداً خاصة .(حسب رأي جبران). إنّ شريعة تناقض المشيئة الإلهيّة، فالله خلق الإنسان حرّا، ومنحه العاطفة والعقل، وزيّنه بالمعرفة، ولكنّ الشّريعه تُهَيمن علی روحه وعقله وعاطفته، ويرزح تحت ثقلها، مسلوب الإرادة، قانعاً بواقِعِهِ، مطمئناً لضعفه وتخاذله «القلب ولد بالمعرفة واعتلّ بالشّريعة» وظهر اعتلاله في المستويات الحياتيّه جميعها من دينيَّة، واجتماعيّة، وسياسيّة وفكريّة.» [14]
لذا يعتقد جبران بأن الشريعة التي صمّمها البشر للبشر قد تكون قابلة للتغيير وللترفيع.إذاً لا شيء ثابت، ولا شريعة يمكن اعتبارها كلاماً منزلاً أوتُسنّ كقانون إلهي لا تغيير فيه إن كلّ شيء- في رأي جبران – قابل للتّطوّر والتغيير، والتحسين: «أنا من القاتلين بسُنّة النّشوء والإرتقاء وفي عرفي أن هذه السّنة تتناول بمفاعيلها الكيانات المعنوية بتناولها الكائنات المحسوسة، فتنتقل بالأديان والحكومات من الحسن إلی الأحسن، انتقالها بالمخلوقات كافّة من المناسب إلی الأنسب» [15]

حقيقة الدين

إنّ جبران يتحدث عن حقيقة الدين في أنه يشمل كل ما في الحياة. يقول في «البني» «أليس الدين كل ما في الحياة من الأعمال والتأملات؟ أليس الدين كل ما في الحياة مما ليس هوبالعمل ولا بالتأمل بل غرابة وعجب ينبعان من جداول النفس وإن عَمِلَت اليدان في نحت الحجارة أوإدارة الأنوال؟» [16] والدين تعيشه في كل أعمالك وتأملاتك وأقوالك: «من يستطيع أن يفصِل أيمانه عن أعماله، وعقيدته عن مهنته؟» [17] فالدين لا ينفصل عن الحياة اليومية وهذان يجب أن يكونا متطابقين بالكلية: «من يستطيع أن يبسط ساعات عمره أمام عينيه قائلاً: هذه لِله، وهذه لي، هذه لنفسي، وهذه لجسدي؟ فإن جميع ساعات الحياة أجنحة ترفرف في الفضاء منتقلة من ذات إلي ذات ... كل من يعتقد أن العبادة نافذة يفتُحها ثم يُغلقها، فهولم يَبلُغ بَعدُ هيكل نفسه الذي نوافذه مفتوحة من الفجر إلي الفجر... إنَّ حياتم اليومية هي هيكلكم وهي ديانتكم.» [18]
ليس الدين شيئاً منفصلاً عن حياة الناس اليومية ولايوجد غموز في الدين كما يزعمون رجال الدين ويشددوا علی الدين .«والدين بسيط في حقيقته وبعيد عن الغموض الذي يحيطُه به رجال الدين. والله، في الحقيقتة، في كل مكان وهوقريب من كل إنسان: «إن شئتم أن تعرفوا ربّكم فلا تعنوا بِحَلِّ الأحاجي والألغازِ. بل تأمّلوا فيما حولكم تجدونه لاعبأ مع أولادكم. وارفعوا أنظاركم إلی الفضاء الوسيع تبصروه يمشي في السحاب، ويبسُط ذِراعيه في البرق، وينزِل إلی الأرض مع الأمطار.
يتعمّق جبران بإلاهية الدين وربانيّته وفي كتاب «النبي» يقول: تأمّلوا جيّداً، تَرَوربّكم يَبْسم بثُغُور الأزهار، ثم ينهض ويُحَرِّكُ يديه بالأشجار.» [19] ایمان جبران وتأثیره بالکتاب المقدس: نريد في هذا المبحث أن ندرس تأثير الإنجيل علی جبران فنأتي بنماذج من أقواله وكتاباته التي تأثّر بها من الكتاب المقدس.
لا شك فيه بأن أقوی تأثير علی جبران كان من ناحية الكتب المقدسة ولاسيّما الإنجيل.فلذا إذا نظرْنا إلی كتابات جبران خليل جبران، وتأَمَّلْنا في أقواله، نجد أنَّ جبران كان متأثراً بالكتاب المقدس بشكل واضح جداً، من حيث الفكر ومن حيث الأسلوب الأدبي. من ناحية الفكر، سنكتفي هنا بتحليل رأي جبران في موضوع المحبة. لقد نادی جبران بشكل واضح بالمحبة، وهي في نظره عطاءٌ وتضحية مجّانيان ولا متناهيان، ولا يمكن لأحد أَن يمتلك المحبة أويقيّدها: «المحبة لا تعطی إلا نفسَها، ولا تأخذ إلا نفسِها. المحبة لا تملك شَيئاً، ولا تريدُ أن يملكها أحدٌ؛لأن المحبة مكتفية بالمحبة. أما أنتَ إذا أحَببْتَ فلا تَقُلْ: «إن الله في قلبي» بل قُلْ: «أنا في قلب الله» «النبي، المحبة» [20] وهذا الفكرُ نجده نفسُه في الكتاب المقدس، وخاصةً عند يوحنا الإ نجيلي: «الله مُحَبَّةٌ» (1 يوحنا 8:4).
و﴿هكَذَا أَحَبَّ اللهُ العَالَم حَتَّی بَذَل ابْنَهُ الْوحيدُ لِكَیْ لا يَهْلكَ كُلُّ مَنْ يُوْمنُ به بَلْ تكُونُ لهُ الْحَياةُ الأبَديَّهُ﴾ (1يوحنا 3 : 17) ولقد أرسل اللهَ ابنَهُ إلَی العَالَمِ لِيخلُصَ بِهِ العالَمُ (1 یوحنا 17:3) ومن كان من الله فهويحب:﴿ مَنْ لا يحِبُّ لمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأنَّ اللهَ مَحَبَّة. بِهَذا اُظْهِرَتْ مُحَبَّةُ اللهِ فينا: أَنَّ اللهَ قدْ أَرْسَلَ ابْنهُ الْوَحِيدَ إلی الْعَالَمِ لِكيْ نَحیَابِهِ﴾ (1 یوحنا 8:3، 9).
واعتقد جبران أنّ العمل دون المحبة باطل ولهذا نشیر الی قطعة فی «النبی»: «العمل یکون باطلاً وبلاثمر إن لم یقترن بالمحبة، لأنکم إذا اشتغلتم بمحبةٍ فإنما تربطون أنفسکم وأفرادکم بعضها ببعض، ویرتبط کل واحدِ منکم برّبه [21] نقرأ في یوحنّا حول المحبة: ﴿لَیسَ لأحَدٍ حُبٌّ اُعظَمُ مِن هذا: أن یَضَعَ أحَدٌ نَفسَهٌ لِأجلِ أحِبّائهِ﴾ [22] إنَّ جبران یجد راحة والمحبّة فی قلب الله الاُعظم، أجَل إنّ الحُبَّ هوقلب الله الواسع المشرّع لیضمّ الاُحیاء جمیعاً تحت جناحیه. وهل من ملجأ أفضل من قلب الله یؤوب إلیه الناس فی آلامهم وقلقهم؟ وأما من ناحیه تأثیر أسلوب جبران فی کتاباته بالکتاب المقدس، فإننا نجد عدة اُدلة علی ذلک، نورد هنا بعضاً منها:
فأولاً، نجد ذلک فی استحذا مه لأسماء العَلَم الواردة فی الکتاب المقدس، مثل: یسوع الناصري، مریم العذراء، مریم المجدلیة، سمعان بطرس، یعقوب بن زبدي، ویوحنّا الحبیب، وغیرهم. ثانیاً هناک تقارب في المفردات مع الإنجیل. تجري معظم اُحداث الإنجیل من مدینة «اُورشلیم» وهذه الکلمة تعني «اساس السلام» بالعربیة، ونجد أن أحداث قصة «النبي» لجبران تجري في مدينة «أورفليس» وهذه الكلمة لعل أن تكون بمعنی «اساس المحبة» او«أساس العواطف». ثالثاً، استخدامه لأحداث وردت في‌الإنجيل وتحليله لها وإعادة سبكه لهذا الأحداث بطريقته وفلسفته الخاصة، مثل: ميلاد المسيح، ومعجزات وأعاجيب قام بها المسيح، وأحداث الصلب والموت والقيامة وغيرها. رابعاً، كتابات جبران تُظهر بوضوح أنه تعمّد استخدام أسلوب يشبه تحركات وتنقلات يسوع كما تظهر في الإنجيل، وأيضاً طريقة كلام يسوع وخطاباته، خاصة عند ما كان يسوع یتحد إلی الجموع أوجماعة التلاميذ.

القرآن الكريم في آثار جبران:

في هذه الناحية من الدراسة نتطرق إلی تأثير القرآن علی جبران، فنشیر إلی مقالٍ يحمل عنوان «إلی المسلمين من شاعر مسيحي»
يقول جبران:
«أنا أجلّ القرآن ولكني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين كما إنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للحكم برقاب المسيحيين...» [23] وأيضاً إذا نظرْنا إلی كتابات جبران، وتأملّنا في أقواله، نجد أن جبران كان متأثراً بالقرآن الكريم من حيث الفكر ومن حيث الأسلوب الأدبي.
كما نجد جبران في كتابه «النبي» يقول: «فإنَّ الحجاب المَسدُولَ علی عُيونِكم، سترفعه الید التي حاكتْهُ» [24]
ونظيره في القرآن الكريم: ﴿فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطآئَكَ فَبَصَرُكَ الیوْمَ حَدِيدٌ﴾ [25] ويقول أيضاً جبران في «النبي»: «وهل موت الإنسان سِوی وقوفه عارياً في الريح وذوبانه في حرارة الشمس؟ أم هل انقطاع التَّنَفُّس، سوی تحرير النفس من مدّه وجزره المتواصل، لكي يستطيح أن ينهض من سجنه ويحلَّق في الفضاء ساعياً إلی خالقه من غير قيدٍ ولا تعويقٍ؟» [26]
ويقول الله تعالی في القرآن: ﴿يا أَيُّهَا الْإنْسانُ إنَّكَ كادِحٌ إلی رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ﴾ [27] ويقول جبران في القبح: «إذا كان القبح شيئاً ما، فما هو، في‌الحقيقة، إلّا قشرة الصداء علی عيوننا، والوقر في آذاننا.» [28]
ومثيله في القرآن الكريم: ﴿خَتَمَ اللهُ علی قُلُوبِهِم وَ علی سَمْعِهِمْ وَ علی أَبْصَارِهِمْ غِشاوَةٌ﴾ [29] وأيضاً يقول جبران في الكمال: «هذا هوالعالم الكامل الذي قد بلغ أوجَه، عالم الغرائب والمعجزات بل هوأنضجُ ثمرةٍ في جنانِ الله وأسمی عالم بين عوالمه.» [30]
وكلام الله سبحان: ﴿وَ تَبَارَكَ الَّذي لَهُ مُلْكُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ إلیهِ تُرْجَعُونَ﴾ [31]ويقول جبران في الموضوع الإنسان الترابي وأيضاً «نفختُ من روحي» يأتي هذه الجملة: «وخاطَبْتُ الله قائلاً: أنا جَبْلة يديك، يا خالقي، من تراب الأرض صنعتني، وبنفحةٍ من روحك العُلْويَّة أحييتني. فأنا مدين لك بكليّتي» [32]
يُحشر الإنسان وهوقرين بالوحدة في منظر القرآن كما يُولد علی هذا النسق.فلذا يقول جبران عن حشر الإنسان: «وحيدٌ! وماذا في الأمر؟ جئتَ إلی العالمِ وحيداً، وستمضي وحيداً في الضباب» [33] ونظيره في القرآن الكريم: ﴿وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرَادی كَما خَلَقْناكُمْ اَوَّلَ مَرَّةٍ وَ تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَرَآءَ ظُهُوِكُمْ...﴾ [34] إن تألق الحقيقة الواحدة في صور متعددة يُعد من صفات وحدة الوجود ويُلاحظ هذا المفهوم القرآني في آثار جبران.وهويكتب عن وحدة الوجود وصوره: «كما أن لِكلّ منكم مقاماً منفرداً في معرفة الله ايّاه، هكذا يجب علیه أن يكون منفرداً في معرفته لِلّه، وفي ادراكه لأسرار الأرض.» [35] ويقول القرآن الكريم: ﴿كُلٌّ يَعْمَلُ علی شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ اَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ اَهْدی ﴾ [36] الإيثار من الموضوعات الرئيسة في القرآن الكريم ، وقد أكّد العرفان الإسلامي علی هذا الموضوع كثيراً.يقول جبران في «النبي» عن الإيثار: «إنك إذا أعطيّتَ فإنَّما تُعطي القليلَ من ثروتك. ولكن، لا قيمة لما تعطِيه ما لم يكن جزءاً من ذاتكَ، لأنّه أي شيءٍ هي ثروتك؟» [37] وشبيهه في القرآن الكريم: ﴿لَنْ تَنالُوا البِرَّ حَتّی تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾ [38] «وفي بعض العبارات تتكرر الألفاظ المأخوذة من الطبيعة كقوله: (الحبّ كوثر تسكبه عرائس الفجر في الأرواح القوية، فيجعلها تتعالي متحمّدة أمام كواكب الیل، وتسبح مترنّمة أمام شمس النهار).
ففی هذه العبارة المؤلّفة من تسع عشرة كلمة نعثر علی عدّة رموز للطبيعة، فالكوثر نهر في الجنّة، كما جاء في القرآن الكريم، وعرائس أسطورة الحُوريات، هذا بالإضافة إلی كلمات: الفجر، كواكب، الليل، الشمس، النهار.» [39] المسيح(ع) ومحمد(ص) وعلي(ع) في آثار جبران نتناول في هذا المبحث ، موقف جبران حول هذه الشخصيات الإسلامية المذكورة. المسيح(ع): في هذا المبحث نسعی أن نتعرف علی عيسی (ع) مثل ما عرفه جبران وليس كما عُرف في التعالیم الدينية للمسيحيين.
«رغب جبران في حياة مثالیة، أركانها المعنويَّة مصنوعة من حياة يسوع، لأنّه جاء للكلّ، وهوالطريق إلی النَّور ليبلغ بالناس إلی محجَّة المعرفة التي تقرّب بينهم بالأعمال والمحبَّة، ويدخلوا ملكوت الله: «بالحقيقة لا يوجد غرباء في ملكوتي. إنَّ حياتنا هي حياة جميع الناس وقد أعطيناها لنعرف جميع الناس، وبتلك المعرفة نحبّهم» [40]

يسوع وخصائة في رأي جبران

إن جبران يعتبر طبيعة يسوع طبيعة بشرية ولايعطي مجالاً للرخوة فيها؛ ويعتبر يسوع مظهراً للتمرد.ولهذا يقول عنه: «فهولم يكن إلهاً، بل كان إنساناً مثلنا ولكن فيه نهض مرّ الأرض ليلاقي لبان السماء، وفي كلماته تعانقت تمتمتنا مع همس غير المنظور، وفي صوته سمعنا أنشودة غورها. نعم، كان يسوع إنساناً ولم يكن إلهاً. وفي هذا منتهي عجبنا ودهشنا» (يسوع ابن الانسان). [41]
نقرأ أفكار جبران حول يسوع في كتاب «نُعيمه»:
يشير نعيمه إلی صفات يسوع نظراً إلی كتاب جبران (يسوع ابن الإنسان) ويبين الفرق بين يسوع جبران ويسوع الإنجيل:«يسوعي بشر مثلي ومثلك، وعندي أنّه كان رجل العزم مثلما كان رجل الرأفة. وأَنّه قطّ لم يكن مسكيناً أومتمسكناً. وأنا أكره المسكنة وأری التواضع ظاهرة من ظواهر الضعف.» [42]
نريد في هذا المجال نبحث الفرق بين يسوع الإنجيل ويسوع جبران كي نتعرف علی المسيح الذي كان جبران يعتقد به:«يسوع الإنجيل وُلد في بيت لحم من عذراء. أما يسوع جبران فوُلد في الناصرة من رجل وامرأة. يسوع الإنجيل يبكي ويتألم. أما يسوع جبران فيضحك. وهوفوق الدموع والألم. يسوع الإنجيل يطوبّ المساكين بالروح والفقراء. أما يسوع جبران فلا يعرف مسكنة ولا يری غبطة في‌الفقر. يسوع الإنجيل أدرك منتهي الرفعة الروحية، لذلك كان «وديعاً ومتواضع القلب». أما يسوع جبران فلا دعة فيه ولا تواضع.
يسوع الإنجيل لا يخجل من أن يهتف علی الصليب: «الهي. الهي لماذا تركتني؟» لأنّه لم يكن قد تغلب بعد علی كلّ ضعف في بشریته. أما يسوع جبران فلا ضعف فيه. أوأنّه يخجل من اظهار ضعفه فيهتف: لماذا تركتنا؟» [43] يكتب «خليل حاوي» في كتابه حول عقيدة جبران بعيسی: يشير خليل حاوي إلی تأثير جبران من بلايك ويشرح عقائدهما حول ولادة المسيح: «فليس يسوع جبران وديعاً ولا متواضعاً ولا مولوداً عن عذراء.
وهنا تبرز مديونية جبران لبلايك أكثر مما كانت علیه في «العواصف»، حيث لم يهتم لطريقة ولادة المسيح. ذلك بأن بلايك يقول إن يسوع ولد بالطريقة الطبيعية، بل فوق ذالك: «إن كان قصده حمل الخطيئة، كان من الواجب أن تكون اُمّه زانية» (!) [44] غير أن جبران يقول إن يسوع ولد حينما كانت مريم مخطوبة إلی يوسف، ويشير إلی أن الولادة كانت طبيعية... ويستند نعيمه إلی هذا الامر ليبيّن أن يسوع (يطلّ من بين صفحات جبران نوعاً من السوبرمان النيشويِ...) محمّد(ص):
يُظهر جبران إرادته القلبية بالإسلام وبمحمّد المصطفی (ص) في رسالة تحت عنوان «إلی المسلمين من شاعر مسیحي». «... أنا مسيحي ولي فخر بذلك... ولكنّي أهوی النبي العربي وأكبّر اسمه وأحب مجد الاسلام وأخشی زواله أنا شرقي ولي فخر بذلك ومهما أقتصتني الأيام عن بلادي أخلل شرقي الأخلاق سوري الأميال لبناني العواطف... وأيضاً يقول:
خذوها يا مسلمون كلمة من مسيحي أسكن «يسوع» في شطرمن حشاشته و«محمداً» في شطر الآخر ...» [45] إن يكون المصطفی أيضاً رمزاً للنبّي محمّد لأنَّ «المصطفی » هوأحد أسماء النبي محمّد ألم يكن جبران يعتبر نفسه «مسيحياً أَسكن يسوع في شطرمن حشاشته ومحمّداً في الشطر الآخر؟» كل هذه الأدلّة تبيّن شوق ومحبة جبران بالنسبة إلی الدين الإسلامي والقرآن والنبي (ص) وهویذکر هذه المقدسات بإحترام وكرامة.
علي(ع):
وأيضاً أعجب جبران بحكمة الإمام علي (ع) وكان لنهج البلاغة أثر في آرائه وأفكاره. ويقول عن علي بن أبي طالب (ع): «إن علي بن أبي طالب (ع) كلا م الله الناطق، وقلب الله الواعي، ونسبته إلی من عداه من الأصحاب شبه المعقول إلی المحسوس، وذاته من شدّة الإفتراب ممسوس في ذات الله» [46] وأيضاً يقول: «في عقيتدتي أن ابن أبي طالب كان أول عربي لازم الروح الكلية، وجاورها، وسامرها، وهوأول عربي تناولت شفتاه صدی أغانيها علی مسمع قوم لم يسمعوا بها من قبل فتاهوا بين مناهج بلاغته، وظلمات ما ضيهم، فمن أعجب به كان إعجاباً موثوقاً بالفطرة، ومن خاصمه كان من أنباء الجاهلية...
ثم يقول: مات علي بن ابي طالب شهيد عظمته... مات والصلاة بين شفتيه... مات وفي قلبه شوق إلی ربه...
ولم يعرف العرب حقيقة مقامه ومقداره، حتی قام من جيرانهم الفرس أناس يدركون بين الجوهر والحصي... مات قبل أن يبلغ العالم رسالته كاملة وافية، غير أنني أتمثله مبتسماً قبل أن يغمض عينيه عن هذه الأرض... مات شأن جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلی البلد ليس ببلدهم، وفي زمن ليس بزمنهم، ولكن لربك شأن في ذلك وهوأعلم. [47]
لقد رأي جبران الكمال إلانساني بكل معاينه وأبعاده. متجلياً في ثلاث من شخصيات العالم هم: «عيسی (ع)، محمد (ص)، علي (ع)» يعتبر جبران «علي بن أبي طالب» اُحد اُبطال العصر والزمان ويقول:
«... تحسب فكرتكم أن أمجاد الشعوب بأبطالها الفاتحين فتترنّم بذكر نمرود وبنوخذ نصر ورعمسيس والإسكندر وقيصر وهنيبال ونابليون. أما فكرتي فتقرر أن الأبطال هم كنفوسيوس وليوتسي وأفلاطون وعلي بن أبي طالب والغزالی وجلال‌الدين الرومي وكوبر نيكوس وباستور...» [48] تمرّد جبران علی السلطات الدينيه والرفض علی التبعيّة المطلقه عنها نريد في هذا المجال نثبت إيمان جبران بالمسيحية واعتقاده بالله ونتعرف علی السبب الرئيسي لتمرده عن السلطة الدينية.
«كتابات جبران كانت مصدر إزعاج حقيقي للسلطات الدينيّة والسياسية القائمة في عصره، «وفي جميع أعماله ولا سيّما في «النبي» لا يكفّ جبران عن ذكر الله: فهو«القادر»، «حارس الليل»، «الشجرة السماويه»، «رامي السهام»، «الخزّاف»، «الروح السيد علی الأرض... كل شيء يتّجه إلیه: الصلاة، المحبّة، الأهواء، الموت، العطاء، العمل... جبران مسيحيّ ماروني ترعرع في كنف أمّ مؤمنة محافظة وتربی َّ علی يد الأب سمعان، ثم علی أيدي رهبان معهد المحكمة.
كان يمتلك معرفة عميقة بالدين المسيحي والكتاب المقدس الذي ما زالت نسخة منه محفوظة في مكتبته في بشرّي. لكن هذه المعرفة لم تكن مصحوبة يوماً باحترام الكنيسة.» [49] يرفض جبران الإتّباع المطلق للماضيين ويعتبر الصبر باطلاً ويعتبره رجال الدين من الحسنات، لأن هذا الصبر ، صبر علی مظالم رجال الدين حسب رأی جبران.«رای جبران أن سبب الوهن والتخلُّف ناتج عن استسلام موروث مقدّس، كرّسته شريعة أوجبت التبعيَّة المطلقة للآباء والجدود، فلا يسيرون إلّا حيث سار السَّلف خوف التغيير والضياع مردَّدين: «في أعماق هذا الوادي عاش آباؤنا وجدودنا وفي ظلاله ماتوا، وفي كهوفه قبروا، فكيف نتركه ونذهب إلی حيث لم يذهبوا» فجعلوا من الحاضر امتداداً شكلياً للماضي. كان جبران يقول الحقائق، الحقائق التي لم يصلوا إليها عامة الناس، بل وضعوا أنفسهم في قبضة رجال الدين وأقوالهم، كي يستغلوا رجال الدين جهل العامة في مسير مطامعهم.واعتقد جبران «إنّ السيطرة الدينيّة علی الرّوح الإنسانيّة نوع من الاستعمار النفسي والسيطرة السياسية أوالإقطاعيّة شكل من أشكال الاستعباد والإذلال الجسديّ والمعنويّ.
كان جبران ينتقد السلطات الدينية ويعتبرها نوعاً من الإستعمار وكان يرفض التبعية للآباء والأجداد بشكل كامل ولهذا جبران وُصمَ بالكفر، ونُبِذ، وطُرِد من الدير، لأنّه يتكلم بالحق الذي جاء به يسوع، وآمن بالنور الإلهي المنبثق من تعالیم الكتاب، فرفض الانقياد والعبوديَّة، ورفض أن «ينزع عنه الإرادة والفكر، والميل وكلّ ما يختص بالنفس» وسكان القرية قد تعلّموا من الرهبان والكهان بعض كلّ من يفكر لذاته، لذلك كان خليل مقتنعاً بأنَّ «سكان هذه القرية لا يقبلون المطرود من الدير جاراً لهم ولا يسمحون له أنْ يتنفس الهواء الذي يحيهم لأنّهم يحسبون عدوالرهبان كافراً بالله وقديسيه. [50]

انتفاع رجال الدين من سذاجة الناس

يستخدم رجال الدين اسم يسوع لخداع الناس الساذجين ويسرقون أموالهم في ظل الدين «وجبران الذي أحَبَّ يسوع ورآه الطريق والهدف، قال عنه: «ولد فقيراً، وعاش متشرداً، ومات مطلوباً» ولم يؤمن بالطقوس التي تقام لإسمه لانّه يَر ی «نفسه غريباً بلا مأوی، وجائعاً بلا طعام» فرفض الطقوس والمظاهر الدينية التي يقيمها العالم، لأنها لاتخدم الدين، ولا تعالیم يسوع إنَّها ترضی الشهوات الدُّنيويَّة الّتي تبعد، طالبي الحقيقة عن الطريق والهدف والمعرفة، فصارت الطقوس الدينَّية بعيدة عن جوهر المعرفة، شكليّة، خارجيّه تعني بالقشور (العالم يعيِّد لإسمي، وللتقالید الّتي حاكتها الأيام حول اسمي، أمّا أنا فغريب أطوف تائهاً في مغارب الأرض ومشارقها، وليس بين الشعوب من يعرف حقيقتي)
والسبب الرئيس في ابتعاد الشعب عن منابع الدين، الرئيس الروحي الذي يستمد من القشور الدينيّة تعالیم تساعده في تدعيم مركزه المادي، والسُّلطوي، «رئيس دين يحوك من سذاجة القوم بَرْفيراً لجسده، ويصوغ من بساطة قلوبهم تاجاً لرأسه...» [51]

الرابطة بين التفريق والحكومة

إن التفرقة بين أطياف الناس والتشتت وسيلة لتعزيز سلطتهم وقدرتهم السياسية علی الناس «فرجل الدين أهمل الكتاب في الكنائس والجوامع، واهتّم بمركزه الديني والسّياسيّ فعمل علی تفريق الطوائف، إلی قبائل تتناحر، وتتقاتل بسلاح فكره وتخطيطه ليحفظ مجد عرشه الديني، وقد نعت جبران هذا التحريض بالخبث والإحتيال قائلاً: «بخبثهم وإحتيالهم قد فرّقوا. بين العشيرة والعشيرة، وأبعدوا الطائفة عن الطائفة ].....[ لحفظ عروشهم وطمأنينة قلوبهم قد سلّحوا الدُّرْزي لمقاتلة العربي، وحمسوا الشيعي لمصارعة السِّني، ونشّطوا الكُرْديّ لذبح البدويّ وشجَّعوا الأحمديّ لمنازعة المسيحيّ» [52]
إن رجال الدين يزرعون الخلاف بين الناس ليحصروا الناس في هذه الإختلافات ويبتعدوا العامة عن الحكومة والسياسة.«إنَّ خلق هذه الخلافات والمنازعات مؤامرة حاكها رجال الدين لإلهاء الشعب بالظواهر، وحجب الحقيقة المعنويَّة عن أبصارهم، فلا ينظرون إلی ماوراء الثّوب، وما يختبیء وراء الرمز الديني، لقد تأزّروا باللباس الكهنوتي لِسَتْر مخبَّآت صدورهم الخبيثة: «فكان المطران يبلغ أمانيه مستتراً بأَثوابه البنفسجيَّة، ويشبع مطامعه محتمياً بالصليب الذهبی المعلق علی صدره ]......[ وكان يقف يوم الأحد أمام المذبح ويعظ المؤمنين بما لا يتعظ به، ويصرف أيام الأسبوع مشتغلاً بسياسة البلاد». [53]

المتاجرة بالدين:

ودعم جبران دعوته إلی الرَّفض والتمرّد بالبراهين، مقدمّاً الأسباب والعِلل الّتي دفعت به إلی تسمية رجال الدين بالتُّجار. والسَّبب الرَّئيس هواتبعاد هؤلاء عن طريق الإيمان الصَّحيح وتحريف الحقيقة الّتي جاء يسوع بها، ولها. فهم ـ في رأيه ـ قد انشغلوا بالدُّنيا عن الآخرة، وبالمادَّة عن الرّوح، وبالحرف عن الكلمة.

الإسلام والمسيحية عند جبران

درسنا آراء جبران حول رجال الدين والمتاجرين بالدين ومواصلة للبحث ندرس أفكاره وآراءه حول الإسلام، والمسيحية خاصةً والفرق بينهما وعلی لسان اُحد الشخصيات في إحدي مسرحياته باسم (بدء الثورة): «إن طييعة الإسلام لا تقبل الزوايد. فالإسلام حقيقة مجردة مطلقة... إنّ الإسلام ليس بدين فقط كما يظن مستشرقوالإنکلیز بل هودين وشريعة مدنية تضم تحت جناحيها الهائلين جميع حاجات الإنسان في كل عصر.... أنا أحترم المسيحية كدين. ولكنني لا أستطيع أن أوفق بين المسيحية وأعمال المسيحيين. وهذا هوالفرق بين المسيحية والإسلام. لأن الإسلام يعلم ويعمل بموجب تعالیمه، أما المسيحية فلا تفعل ذلك. المسيحي يحب أعلاءه في الكنيسة. وعندما يخرج منها يفكر بالسبل الفعالة التي تفني اعداءه. المسيحي يمجد الفقر والمسكنة والوداعة عندما يكون جالساً أمام انجيله. ولكنه لايضع ذلك الكتاب جانباً حتی ينتصب مفاخراً بغناه مكابراً بجبروته متشامخاً بغَطْرَسَته.
المسيحي يلوي عنقه ويمد ذراعيه ويقول بصوت يضارع تنهده العذراء (من ضربك علی خدک الأيمن فحول له الايسر) ثم لا يلبث أن ينتفض كالأسد الجائع...
المسيحي يقول الدنيا لاشيء، الآخرة كل شيء؛ ولكنه يعيش للدينا ولا يذكر الآخرة. نعم، والله أنا احترم المسيحية ولكنني أقول مع نيتشه: وجد مسيحي واحد وقَدْ مات مصلوباً. وأقول مع جبران خليل جبران: لوعاد يسوع الناصري إلی هذا العالم لمات جائعاً منفرداً غريباً. هذه هي المسيحية ألتي أعتبرها وهؤلاء هم المسيحيون الذين لا أستطيع أن أوفق بين تعالیمهم وأعمالهم» [54]
وأخيراً أشرت إلی أهم ما وصلت إليه في هذه المقالة:
يعتقد جبران (وهومسيحيّ مارونيّ بالغ الحبّ بالنسبة إلی النبي المسيح) بوحدة الأديان وبوحدة الوجود ويری أن الدين بمثابة أصابع اليد التي تنتهي إلى أصل واحد. يری جبران أن وجود الله في أجزاء الوجود، وسترجع الأمور كلها في النهاية إليه. يُعتبر جبران من منتقدي علماء الدين ويری أنهم استغلّوا الدين لاستثمار الناس وجعلوه آلة للوصول إلی سلطانهم الماديّ والمعنوي.
يری جبران أن الدين يُعنی بالباطن أكثر من عنايته بالظاهر فلهذا السبب يوجّه انتقادات لاذعة إلی الذين لايهتمّون إلا بظواهر الدين. للكتب المقدسة – وبخاصة الإنجيل – تأثير بالغ في أعمال جبران. يبجّل جبران الشخصيات الإسلامية وبخاصة نبي الإسلام محمد(ص) وعلي ابن أبي طالب(ع). يعتبر جبران الذلة والمسكنة في الحياة الإنسانية من أمارات الضعف الإنساني ويعتقد أن علماء الدين يقومون بترويجها بُغية الوصول إلی طموحاتهم وأهواءهم.
يعتقدجبران: أن الشريعة قانون وضعه الإنسان، ولهذا يمكن تغييرها والإرتقاء بها بل يجب تغييرها وفقاً لظروف المجتمعات البشريّة.

المصادر والمراجع

  1. القرآن الكريم
  2. الإ نجيل المقدس
  3. أدب المهجر: عيسی الناعوري. دارالمعارف مصر، الطبعة الثالثة، د. تا.
  4. جبران خليل جبران، أصالة وحداثة: الدكتوره مها خيربك ناصر،دارالساقي،بيروت،لبنان،الطبعة الألي،2006م.
  5. جبران خليل جبران، إطاره الحضاري، شخصيته، آثاره: الدكتور خليل حاوي.دارالعلم الملايين، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ، 1982 م.
  6. جبران خليل جبران، حياته، موته، أدبه،‌فنه: ميخائيل نُعيمه. مؤسسة نوفل، بيروت، لبنان، الطبعة العاشرة، 1985 م.
  7. جبران خليل جبران،‌عبقريٌ من لبنان: فوزي عطوي. الشركة اللنبانية للكتاب، للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ،‌1971 م.
  8. حديقة النبي: جبران خليل جبران. إعداد: جوليانا عبدالله، إشراف: د. ميخائيل مسعود. دارالكتاب العربي، بيروت، لبنان،‌الطبعة الأولی ، 1997 م.
  9. الشعر العربي في‌المهجر: محمد عبدالعني حسن. تصدير: عزيز اباظه موسسة الخانجي بالقاهره، مصر، الطبعة الثالثة، 1962 م.
  10. قاموس جبران خليل جبران: اسكندر نجار. ترجمة ماري طوق، دارالساقي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ، ‌2008 م.
  11. المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران. تقديم: الدكتور جميل جبر، دارالجيل، بيروت، لبنان، د. تا.
  12. المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران، نصوص خارج المجموعة: أنطوان القوّال. دار الجيل، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ، 1994 م.
  13. المجنون: جبران خليل جبران. إعداد: جوليانا عبدالله. إشراف: د. ميخائيل مسعود، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ، 1997 م.13
  14. مواقع الانترنت
  15. البني: جبران خليل جبران شرح وتقديم: ابراهيم شمس‌الدين، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ، 2006 م.
  16. يسوع ابن الإنسان: جبران خليل جبران. إعداد: جوليانا عبدالله. إشراف؛ د. ميخائيل مسعود. دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولی ، 1997 م.

ملاحظة

حسين رنجبر: خريج جامعة آزاد الإسلامية في کرج

حواشي

[1] المجموعة الکاملة لمولفات جبران خلیل جبران ، ص3
[2] م.ن،ص6
[3] م.ن ، ص7
[4] م.ن، ص7
[5] م.ن ، ص 7
[6] جبران خليل جبران،عبقري من لبنان، ص23
[7] ماتت سلطانه في البیت في 4نیسان سنة 1902 ومات بطرس في البیت في 12 آذار 1903 وأمه في المستشفی في 28 حزیران سنة 1903 .جبران خلیل جبران، عبقری من لبنان ، ص23
[8] جبران خلیل جبران ،حیاته ، موته .... ، ص116
[9] جبران خليل جبران، عبقري من لبنان ، صص 13 و14
[10] الشعرالعربي في المهجر ، ص 16
[11] ادب المهجر ، ص 115
[12] ص277
[13] جبران خليل جبران، أصالة وحداثة ، ص 164
[14] م.س، ص 60
[15] م.س، ص 158
[16] البني ، جبران خليل جبران ، ص 102
[17] م .ن ، ص 102
[18] م .س، صص 102 و103
[19] م.ن، ص 104
[20] ص 30
[21] صص 45 و46
[22] الإنجیل، الآیة «13:15»
[23] http://www.aflatono.co.cc/?p=101
[24] النبي ، ص 121
[25] ق / 22
[26] النبي ، ص 106
[27] الانشقاق / 6
[28] حديقة النبي ، جبران خليل جبران ، ص 37
[29] البقرة / 7
[30] المجنون ، جبران خليل جبران ، ص 91
[31] الزخرف / 85
[32] المجنون، ص 17
[33] حديقة النبي ، ص 44
[34] الأنعام / 94
[35] النبي ،ص 80
[36] الأسراء / 84
[37] النبي ، ص 36
[38] آل عمران / 92
[39] جبران خليل جبران ، أصالة وحداثة ، صص 214 و215
[40] م.ن، ص 163
[41] قاموس جبران خليل جبران ، ص 236
[42] جبران خليل جبران حياته وموته... ، ص 239
[43] م.ن ، صص 241 و242
[44] جبران خليل جبران ، إطاره الحضاري...، خليل حاوي ، صص 258 و259
[45] http://www.aflaton.co.cc=?p=101
[46] HYPERLINK "http://holynajaf.org/htm/imamali/7m..."http://holynajaf.org/htm/imamali/7m...
[47] م. ن.
[48] المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران، نصوص خارج المجموعة، آنطوان القوّال، صص 90 و91
[49] قاموس جبران خليل جبران ، ص 57
[50] جبران خليل جبران أصالة وحداثة ، ص 63
[51] م.ن، ص 65
[52] م.ن، ص 64
[53] م.ن،صص 64 و65
[54] المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران خليل جبران ، نصوص خارج المجموعة ، ص 156 ـ 158

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

عزز ثقتك بنفسك .





قام طالب بزيارة  لأستاذه ليستشيره حول مشكلة تواجهه.
قال له : "
سبب زيارتي هذه لأنني لا أملك القوة لمواجهة مشكلتي.
يقولون إنني بلا قيمة .  وأنني لا أقوم بأي شيء ذو قيمة  , وأنا غبي وسخيف. 

كيف يمكنني أن أصبح أفضل؟
ماذا يمكنني أن أفعل حتى أنال إعجابهم؟؟؟ 
أجابه الأستاذ دون أن يلتفت له : " أنا آسف حقا يا بني , في الوقت الراهن، لدي مشاكل مستعصية عليا
حلها , بعد ذلك ربما ..."


أخذ استراحة ثم قال :
" لما لا تساعدني في حل مشكلتي أولاً "


قال الصبي  " بالطبع، أستاذ " 
.  

نزع الأستاذ خاتمًا ذهبيًا من أصبعه وقال له:
خذ حصانك وتوجه إلى السوق لبيع هذا الخاتم لأسدد ديونـًا عليا , ويجب أن تحصل على أفضل سعر لكن لا تبعه أقل من قطعة ذهب "

أخذ التلميذ الخاتم واتجه للسوق وقام بعرض بضاعته للبيع
بدأ الناس بالترقب ووالتسائل عن الثمن الذي سيطلبه الفتى 

ما ان ذكر سعر القطعة ذهب  , منهم من انفجر ضاحكا     , آخرون غادرو حتى من دون النظر.
لم يبقى سوى رجل مسن واحد محاولاً إقناع الفتى أن السعر الذي طلبه أكثر بكثير من العقول 

و لرغبة منه في المساعدة , عرض عليه قطعة من البرونز ثم قطعة نقدية فضية.

لم يقبل الفتى السعر لأن أستاذه أوصاه أن لا يقبل أدنى من قطعة الذهب، فقام برفض كل العروض.
وبعد فشله المرير والمذلة , صعد على حصانه وعاد أدراجه

فكر الفتى وقرر الحصول على قطعة ذهب و يشتري الخاتم ويعطي الثمن لأستاذه وبالتالي تنحل مشكلته ويساعده بالأخير



ذهب عند أستاذه وقال له :
"أستاذ، أنا آسف , لكنني لم أحصل على الثمن طلبته مني.
يمكن أن أحصل على 2 أو 3 قطع من الفضة ثمنا له ولكن أعتقد أننا لا يمكن أن نخدع شخص ما على قيمة هذا الخاتم
سأعمل بجهد لأحصل على المبلغ وأشتري منك الخاتم . "

أجاب الأستاذ  "هذا كلام مهم بني"

"إذا علينا معرفة القيمة الحقيقية للخاتم , إذهب عند الصائغ واسأله الثمن
لكن مهما عرض عليك لا تبعه له وإرجع إليا وأخبرني "

ذهب الولد إلى الجواهري وسلمه الخاتم للنظر فيها.
يحدق الصائغ في العدسة المكبرة، وزنه، وقال:

" أخبر معلمك إذا أراد بيعه اليوم لن أعطيه أكثر من 58 قطعة ذهبية ثمنًا له"

الفتى صارخا ً   "58 قطعة ذهبية   "


رد الصائغ
"نعم ويمكن أن أعطيه 70 خلال أيام إذا كان في بيعه حاجة ملحة"


ركض الولد بحماس إلى استاده ليقول له ما حدث.

بعد ما استمع إليه قال له :
"إجلس ,,,, أنت، مثل هذا الخاتم الذهبي ، جوهرة ذات قيمة كبيرة وفريدة من نوعها
لا يمكن أن يتم التعرف على قيمتها إلاّ من قبل اختصاصي.
هل كنت تعتقد أن أي من التجار كان سيعرف قيمته الحقيقية ؟؟ "
بينما هما يتحدثان أعاد الخاتم إلى أصبعه



نحن جميعا مثل هذا الخاتم ذو قيمة عالية وفريدة من نوعها
معروضين في كل أسواق الحياة تاركين الأخصائيين ليدركوا قيمتنا


***

الثلاثاء، 7 أغسطس 2012



عيني لغير جمالكم لا تنظر 
 وسواكم في خاطري لا يخطر

صبرت قلبي عنكم فأجابني 
 لا صبر لي لا صبر لي لا أصبر

لا صبر لي حتى يراكم ناظري 
وعلى محبتكم أموت وأحشر 

غبتم وغابت راحتي من بعدكم
 والعيش صار من الجفا يتكدر 

لا فرق ما بيني وبين خيالكم 
إن غاب غبتم أو حضرتم أحضر

اثنان نحن وفي الحقيقة واحد
 لكن أنا الأدنى وأنت الأكبر 

حبي لكم طبعا بغير تكلف 
والطبع في الانسان لا يتغير 

فإذا نطقت ففي حديثي جمالكم 
وإذا سكتت ففيكم أتفكر 

حاموا على جبر القلوب فإنها
 مثل الزجاجة كسرها لا يجبر




**



الجمعة، 3 أغسطس 2012

أخلاق مهنة الأخصائي النفسي .

أخلاقيات المهنة في علم النفس / الميثاق الأخلاقي للأخصائي النفسي

تمهيد :
لكل مهنة - من المهن الهامة فى المجتمع - أخلاقيات ومواثيق وقواعد ومبادئ تحكم قواعد العمل والسلوك فيها، وشروطه، وما ينبغى التزامه من جانب المتخصصين فيها، والممارسين لنشاطها. وهذ الميثاق الأخلاقى يعتبر دستورا تعاهديا بين المتخصصين، يلتزمون وفقا له بالسلوك الهادف إلى أداء مهنى عال، يترفع عن الأخطاء، والتجاوزات الضارة بالمهنة، أو مشتغليها، أو بالإنسان الذى تستهدفه هذه الخدمة النفسية.

ويكتسب هذا الدستور قوته واحترامه من قوة الإلتزام الأدبى والإجماع الصادق على أهمية تنظيم هذه المهنة من جانب العاملين فيها.

ونقصد بالعاملين فى الخدمة النفسية، والذين سوف يشار إليهم فى هذا الميثاق بـ " الأخصائى النفسى " ما يلى : الحاصلون على الليسانس، أو البكالوريوس، أو الدبلوم، أو الماجستير، أو الدكتوراة فى علم النفس، ويعملون فى تخصصهم ، وعلى جميع من ينطبق عليهم هذا الإصطلاح التمسك بهذا الميثاق، وتوعية الآخرين به.


نظرا لأن عمل الأخصائى النفسى متشعب ومتنوع، فيجب أخذ ما ورد فى هذا الميثاق كوحدة متكاملة يضاف بعضها إلى بعض، كما أن تخصيص مجالات معينة فى هذا الميثاق، يعنى الإلتزام بها من جانب الأخصائى حين يمارس نشاطا، يندرج تحت هذه المجالات.

ويوصي هذا الميثاق بضرورة توعية طالب علم النفس، قبل التخرج فى الجامعة، ببنود هذا الميثاق ومبادئه.

كما نوصى أصحاب المهن والهيئات، التى تقدم خدمات معاونة للخدمة النفسية؛ كالأطباء النفسين، والاخصائيين الاجتماعيين، والمعلمين، وغيرهم، أو ممن يشاركون فى تقديم الخدمات النفسية، بإحترام مبادئ هذا الميثاق وروحه كأساس لإستمرار التعاون بينهم وبين الأخصائيين النفسييين.

1- مبادئ عامة

1/1 الاخصائى النفسى يكون مظهره العام معتدلا، بعيدا عن المظهرية والإبهار، محترما فى مظهره، ملتزما بحميد السلوك والآداب.

1/2 يلتزم الاخصائى النفسى بصالح العميل(1) ورفاهيته، ويتحاشى كل ما يتسبب، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فى الإضرار به.

1/3 يسعى الاخصائى النفسى إلى إفادة المجتمع، ومراعاة الصالح العام، والشرائع السماوية، والدستور، والقانون.

1/4 على الاخصائى النفسى أن يكون متحررا من كل أشكال وأنواع التعصب الدينى أو الطائفى، وأشكال التعصب الأخرى؛ سواء للجنس، أو السن، أو العرق، أو اللون.

1/5 يحترم الاخصائى النفسى فى عمله حقوق الآخرين فى اعتناق القيم والإتجاهات والآراء التى تختلف عما يعتنقه، ولايتورط فى أية تفرقة على أساسها.

1/6 يقيم الاخصائى النفسى علاقة موضوعية متوازنة مع العميل، أساسها الصدق وعدم الخداع، ولايسعى للكسب، أو الإستفادة من العميل بصورة مادية أو معنوية إلا فى حدود الأجر المتفق عليه، على أن يكون هذا الأجر معقولا ومتفقا مع القانون والأعراف السائدة، متجنبا شبهة الإستغلال أو الإبتزاز.

1/7 لايقيم الاخصائى النفسى علاقات شخصية - خاصة مع العميل - يشوبها الإستغلال الجنسى، أو المادى، أو النفعى، أو الأنانى.

1/8 على الاخصائى النفسى مصارحة العميل بحدود وإمكانيات النشاط المهنى دون مبالغة أو خداع.

1/9 لايستخدم الاخصائى النفسى أدوات فنية، أو طرقاً أو أساليب مهنية لايجيدها، أو لايطمئن إلى صلاحيتها للإستخدام.

1/10 لايستخدم الأخصائى النفسى أدوات أو أجهزة تسجيل إلا بعد استئذان العميل (2) وبموافقته.

1/11 الاخصائى النفسى مؤتمن على ما يقدم له من أسرار خاصة وبيانات شخصية، وهو مسئول عن تأمينها ضد إطلاع الغير، فيما عدا ما يقتضيه الموقف ولصالح العميل (كما هو الحال فى إرشاد الآباء، وعلاج الأطفال، ومناقشة الحالات مع الفريق الكلينيكى أو مع رؤسائه المتخصصين).

1/12 عند قيام الاخصائى النفسى بتكليف أحد مساعديه أو مرؤسيه بالتعامل مع العميل نيابة عنه، يتحمل هذا الاخصائى المسئولية كاملة عن عمل هؤلاء المساعدين.

1/13 يوثق الاخصائى النفسى عمله المهنى بأقصى قدر من الدقة، وبشكل يكفل لأى اخصائى آخر استكماله فى حالة العجز عن الإستمرار فى المهمة لأى سبب من الأسباب.

1/14 لا يجوز نشر الحالات التى يدرسها الاخصائى النفسى، أو يبحثها، أو يعالجها، أو يوجهها، مقرونة بما يمكن الآخرين من كشف أصحابها (كأسمائهم و / أو أوصافهم) منعا للتسبب فى أى حرج لهم، أو استغلال البيانات المنشورة ضدهم.

1/15 عندما يعجز العميل عن الوفاء بالتزاماته، فعلى الاخصائى النفسى اتباع الطرق الإنسانية فى المطالبة بهذه الالتزامات، وتوجيه العميل إلى جهات قد تقدم الخدمة فى الحدود التى تسمح بها ظروف العميل وإمكانياته.

1/16 يقوم الاخصائى النفسى بعمليات التقويم، أو التشخيص، أو التدخل العلاجى فى اطار العلاقة المهنية فقط، وتعتمد تقاريره على أدلة تدعم صحتها؛ كالمقاييس والمقابلات، على ألا يقدم هذه التقارير إلا للجهات المعنية بالعلاج، وعدا ذلك لابد أن يكون بأمر قضائى صريح.

1/17 يسعى الاخصائى النفسى لأن تكون تصرفاته وأقوله فى اتجاه ما يرفع من قيمة المهنة النفسية فى نظر الاخرين، ويكسبها احترام المجتمع وتقديره، وينأى بها عن الابتذال والتجريح.

-القياس النفسى :

2/1 يقتصر إعداد وتأليف الإختبارات النفسية، أو استخدامها على الاخصائى النفسى فقط، وعلى الاخصائى النفسى أن يسعى لحظر تداولها، أو بيعها لغير الاخصائيين، أو لغير الجهات المعنية باستخدمها بواسطة اخصائيين نفسيين مؤهلين.

2/2 يقتصر إعداد وتأليف الاختبارات النفسية على الحاصلين على درجة الماجستير على الأقل، أو من لهم خبرة عشر سنوات - على الأقل - فى ميدان القياس النفسى. واستثناءً من ذلك، يمكن إعداد المقاييس تحت إشراف أحد المتخصصين.

2/3 لا ينشر الاخصائى النفسى المؤهل مقياسا بغرض استخدام الآخرين له إلا مصحوبا بكراسة التعليمات التى تتضمن الدراسات والبحوث التى أجريت عليه، ونتائج هذه الاختبارات. كذلك ينص على المواقف والأشخاص الذين لايصلح معهم تطبيق هذا الاختبار، ويلتزم الاخصائى بعدم إسناد أى أوصاف مبالغ فيها إلى المقياس بهدف زيادة توزيعه.

2/4 فى حالة الضرورة القصوى، يمكن نشر مقاييس لم تجر عليها الدراسات النفسية الكافية مع ذكر هذه المعلومة فى مكان بارز.

2/5 يحظر نشر أسماء المفحوصين، أو عرض نتائج استجاباتهم على المقياس بصورة قد تشير إليهم كأفراد أو فئات أو جماعات.

2/6 يحرص الاخصائى النفسى، فى نشر المقياس، على جودة الطباعة والوضوح التام فى الكتابة. ومن جهة أخرى، يحرص الأخصائى، المستخدم لاختبار منشور على الاعتماد على الصورة الأصلية المنشورة، وليس نسخا له منتجة بطريقة التصوير أو غيرها.

2/7 يحظر نشر أى فقرات أو أجزاء من الاختبارات والمقاييس النفسية، أو إذاعتها بأية صورة علنية، سواء كأمثلة للإيضاح أو الشرح، باستثناء المواقف الأكاديمية والتدريبية المتخصصة.

2/8 عند استخدام الاختبار، يحرص الأخصائى النفسى على مراجعته والتدرب عليه وتجربته بطريقة استطلاعية قبل الشروع فى تطبيقه لهدف عملى أو علمى، كما أن من مسئولياته أن يتأكد من انطباق كافة الشروط السيكومترية عليه.

2/9 يجب الحصول على موافقة العميل أو ولى أمره (فى حالة عدم الأهلية) على تطبيق الاختبار بغير إجبار أو ضغوط لبدء الاستجابة، أو الاستمرار فيها إلى النهاية.

2/10 يتحمل الاخصائى النفسى المسئولية الأولى عن حسن التطبيق والتفسير والاستخدام لأدوات القياس، ويلتزم بالتحقق من دلائل صدق برامج الكمبيوتر إذا كانت مستخدمة فى إحدى مراحل التطبيق أو التصحيح، ويتحمل مسئولية ما جاء بتقريره سواء كان القائم باعداده مساعدوه، أو كانت برامج جاهزة.

2/11 يصدر الاخصائى النفسى تقريره أو أحكامه على نتائج الاختبار فى حدود خصائصه من حيث الصدق والثبات وعينة التقنيين، وفى حدود الفروق بين المستجيبين وبين عينة التقنيين.

2/12 يتحمل الاخصائى النفسى أمانة ابلاغ العميل - عند طلبه - بنتائج ما طبق عليه من اختبارات لأى غرض من الأغراض، وذلك فى حدود عدم الإضرار بصحته النفسية أو تقديره لذاته، كما يتحمل مسئولية علاج أى أضرار قد تقع على العميل نتيجة تطبيق الاختبار عليه.

2/13 لا يجوز أن يطبق الاختبارات والمقاييس النفسية أو يصححها إلا المتخصص النفسى، والذى حصل على التدريب الكافى عليها.

3- أخلاقيات البحوث والتجارب :

3/1 يبتعد الاخصائى النفسى عن توجيه أهداف البحث لأغراض المجاملة، أو لخدمة أهداف خاصة، أو للدعاية.

3/2 فى حالة غموض بعض اجراءات خطة الدراسة، من حيث مدى أخلاقيتها، على الاخصائى عرض هذه الخطة على زملائه وأساتذته للتأكد من ذلك.

3/3 إذا ظهر احتمال وقوع أضرار نفسية، أو إجتماعية، أو جسمية، بسبب الدراسة (رغم التحوط الشديد)، فعلى الاخصائى النفسى أن يتوقف عن العمل لحين مراجعة خطته وإجراءاته، للتأكد من أن النتائج المتوقفة تستحق الاستمرار فيها، وفى هذه الحالة يجب الاحتياط بما يحقق أدنى ضرر للمبحوثين، مع التخطيط لعلاج آثاره فور انتهاء الدراسة.

3/4 يجب الحصول على موافقة صريحة من المبحوثين أو أولياء أمورهم فى حالة العجز أو عدم المسئولية.

3/5 يتحمل الاخصائى النفسى مسئولية حسن اختيار المساعدين ويكون مسئولا عن سلوكياته وسلوكياتهم، خصوصا من حيث الالتزام بمواعيد المقابلات، أو الوفاء بالوعود التى قد يقطعها على نفسه بابلاغهم بنتائج الدراسة.

3/6 يحرص الاخصائى النفسى على عدم استخدام سلطاته الإدارية أو نفوذه الأدبى، أو أساليب الإحراج، أو الضغط على من يرأسهم أو على من تكون لديه سلطة أكاديمية عليهم؛ كالطلاب أو المعيدين أو المترددين للإرشاد أو العلاج، وذلك لدفعهم للمشاركة فى الدراسة، أو للضغط عليهم للاستمرار فيها إذا رغبوا فى التوقف.

3/7 إذا كانت مشاركة الطالب فى البحث من متطلبات الدراسة، فلابد من إتاحة بديل آخر إذا رغب الطالب فى عدم المشاركة فى البحث.

3/8 لا يلجأ الاخصائى إلى دراسة مبنية على خداع المبحوثين إلا إذا كان لذلك فائدة علمية، أو تطبيقية، أو تربوية، لا تتحقق بخلاف هذا الخداع، وفى هذه الحالة يجب الحصول على موافقة المبحوثين بصورة عامة، كما أنها لا تؤثر فى خطة الدراسة، على أن يتولى الشرح الكامل للإجراءات، بعد انتهاء الغرض من الخداع.

3/9 يحرص الاخصائى النفسى عند التجريب على الحيوان على تقليل الألم أو العذاب الذى قد يتعرض له الحيوان إلى أقل درجة ممكنة.

3/10 يتخذ الاخصائى النفسى خطوات مناسبة لتكريم المبحوثين فى الدراسة، كأن يوجه لهم الشكر فى أحد هوامش تقريره النهائى إجمالاً.

3/11 يجب الحرض على توثيق المعلومات فى تقرير الدراسة وغيرها من المؤلفات السيكولوجية، مع بيان مرجعها الدقيق، ولا يجوز أن يقدم باسمه مادة علمية لباحث آخر أو مؤلف دون إشارة واضحة لكل ما نقله عنه.

3/12 لا يجوز أن تؤثر المكانة، سواء الوظيفية أو الأكاديمية، للمشاركين فى إجراء الدراسة على ترتيب أسمائهم كفريق للبحث، بل يجب أن يعكس هذا الترتيب حجم المشاركة والجهد الفعلى فى الدراسة، ويحسن فى كل الأحوال ذكر تفاصيل إسهام كل منهم.

3/13 حينما يكون البحث مستخلصا من رسالة علمية لأحد الطلاب يدرج اسمه بوصفه المؤلف الأول بين أى عدد من المؤلفين.

3/14 لا يحجب الاخصائى النفسى البيانات الأصلية لدراسته عن أى باحث يطلبها لإعادة تحليلها بهدف التأكد من صدقها، أو إجراء تحليل تال عليها، هذا مع عدم الإفصاح عن هويات المبحوثين المشاركين فى الدراسة، وحجب أية إشارة تدل عليهم.

4- أخلاقيات التشخيص والعلاج :

4/1 يتقبل الاخصائى النفسى الكلينيكى العميل كما هو دون إبداء نقد، أو تعنيف، أو انفعال، أو انزعاج أو استنكار لما يعبر عنه أو يصدر منه.

4/2 قبل العلاج، يقوم الاخصائى النفسى بمناقشة العميل فى طبيعة البرنامج العلاجى، والأجر، وطريقة الدفع، مع مصارحة العميل بحدود إمكانيات العمل الكلينيكى الذى يمارسه معه من تشخيص، أو إرشاد، أو علاج دون مبالغة.

4/3 يجب الالتزام التام من جانب الاخصائى النفسى بجدول المواعيد الخاصة بالعميل.

4/4 إذا كان الاخصائى النفسى المشارك فى العلاج متدرباً، أو مساعداً تحت إشراف أستاذ، أو كان المعالج أستاذاً يعاونه طلاب، فيجب إخطار المريض بهذه الحقائق.

4/5 يحصل الاخصائى النفسى على إخطار كتابى بموافقة العميل على كافة الإجراءات العلاجية والمقابل المادى، على أن تستخدم فى هذه الموافقة لغة مفهومة، وأن يعلن العميل فيها أنه أحيط علماً بالمعلومات الجوهرية الخاصة بعلاجه.

4/6 يجب على الاخصائى النفسى التأكد من خلو العميل من أى مرض جسمى، أو ذهان عضوى قبل قبوله للعلاج، وفى حالة الشك فى ذلك يجب عليه تحويله إلى الأطباء المتخصصين، أو الاستعانة بهم فى العلاج.

4/7 فى حالة العلاج الأسرى الجماعى، على الاخصائى النفسى أن يحدد أى منهم المريض وأيهم المعاون فى العلاج، ويحاول التوفيق بين العلاقات الأسرية بما يعيدها إلى طبيعتها أولا، ولا يدعو إلى الانفصال إلا فى حالة الضرورة القصوى.

4/8 يجب على الاخصائى العمل على إنهاء العلاقة المهنية أو العلاجية مع العميل إذا تبين أنها حققت أهدافها بالشفاء، أو أن استمرارها معه لن يفيد العميل، وفى هذه الحالة على الاخصائى أن ينصح العميل بطلب العلاج من جهة أخرى، ويتحمل المسئولية كاملة فى تقديم كافة التسهيلات للجهة البديلة.

4/9 على الاخصائى النفسى الكلينيكى أن يتعاون بأقصى ما يستطيع مع زملائه من التخصصات المختلفة فى فريق العلاج لتحقيق أفضل ما يمكن تقديمه من خدمة للعميل.

4/10 يقتصر تسجيل المعلومات عن المريض على الهدف العلاجى وفى حدوده فقط، ولا يتجاوز ذلك إلى معلومات لا تفيد عملية العلاج، وذلك للتقليل من انتهاك الخصوصية.

5- أخلاقيات التدريس والتدريب :

5/1 يبذل الاخصائى النفسى كل ما يستطيع لإعداد وتدريب المتخصصين الجدد فى علم النفس، مع إسداء النصح والتوجيه المخلص لهم.

5/2 يحرص الاخصائى النفسى على تحديث مادته التدريسية وفق أحدث النظريات والأساليب العالمية، وأن تكون المادة المقدمة متكاملة ومترابطة وتفى بأهداف المقرر.

5/3 يسعى الاخصائى النفسى إلى التأكد من صحة البيانات التى تتعلق بالمادة الدراسية، وكذلك إلى التأكد من مصداقية أساليب التقويم فى الكشف عن طبيعة الخبرة التى يوفرها البرنامج.

5/4 يقدر الاخصائى النفسى الذى يعمل بالتدريس أو التدريب السلطة التى لديه على المتدربين أو الطلاب، وعليه القيام بجهد متزن لتجنب ممارسة سلوك ينتج عنه إهانة الطلاب أو الحط من قدرهم.

5/5 لا يجوز تدريب أشخاص على استخدام أساليب أو إجراءات تحتاج إلى تدريب تخصصى أو ترخيص؛ كالتنويم ، الطرق الاسقاطية، الطرق السيكوفسيولوجية، ما لم يكن لدى المتدربين الإعداد والتأهيل الخاص بذلك.

5/6 يجب أن يترفع الاخصائى النفسى المشتغل بالتدريس عن التصرفات التى تسىء إليه أخلاقيا؛ مثل إجبار الطلاب على القيام بأعمال المنفعة الخاصة، أو التغيب، أو الاعتذار المتكرر عن الدروس، أو التدخين، أو تناول المشروبات أثناء التدريس، كما يجب عليه احترام جدية المحاضرة وخصوصيتها.

5/7 يترفع الاخصائى النفسى المشتغل بتدريس علم النفس عن قبول أى مقابل مادى أو معنوى لما يقدمه للطلاب من محاضرات، أو تدريبات، أو إشراف، بخلاف المرتب أو المكافأة التى تقدمها له جهة العمل.

5/8 يلتزم الاخصائى النفسى المشتغل بالتدريس فى علم النفس بالإجابة عن أسئلة طلابه، وبالترحيب بمناقشاتهم واستفساراتهم داخل أو خارج المحاضرة وإزالة أوجه الغموض فى مادته.

5/9 يحرص الاخصائى النفسى المشتغل بتدريس علم النفس على مصلحة القسم الذى ينتمى إليه، وذلك بالاهتمام بضم أفضل العناصر على أسس موضوعية، ودون مراعاة لاعتبارات المنافسة على المناصب الإدارية، والتى قد تنتج عن هذا الاختيار.

5/10 يحرص الاخصائى النفسى المشتغل بتدريس علم النفس على عدم التعصب لكلية دون أخرى، أو لنوع من التعليم النفسى (تربوى - أكاديمى - كلينيكى) دون آخر.

5/11 يحرص الاخصائى النفسى المشتغل بتدريس علم النفس على إيجاد التكامل فى القسم الذى ينتمى إليه بين التخصصات الأكاديمية والتطبيقية، وعلى أن يرحب بأعضاء هيئة التدريس الجدد من تخصصات وخبرات مختلفة.

5/12 يحرص القائم على تدريس علم النفس على التنافس العلمى الشريف وعلى تطوير المعلومات النفسية من خلال الأبحاث والدراسات.

5/13 عند تحمل الاخصائى النفسى المشتغل بتدريس علم النفس لمسئولية تحكيم البحوث، عليه ألا يتأثر فى أحكامه إلا بالمعايير العلمية الموضوعية، ولا تتدخل اعتبارات المجاملة، أو الوساطة، أو الانتقام لنفسه أو لزميل له فى أحكامه على الإنتاج العلمى المقدم للتحكيم.

5/14 أستاذ علم النفس، الذى يقوم بتحكيم بحث أو خطة لتقدير صلاحيتها للنشر أو للتنفيذ، عليه المحافظة على حقوق الملكية، وعلى احترام السرية الخاصة بالبحث.

6- العمل فى المؤسسات الإنتاجية والمهنية :

6/1 يعمل الاخصائى النفسى فى المؤسسات الإنتاجية والمهنية، بالأسلوب العلمى، على وضع كل شخص فى المكان المناسب من حيث إمكانياته، واستعداداته ومؤهلاته، وخبراته، وسماته الشخصية، وأن يقنع المسئولين فيها بأهمية ذلك مستعينا بأساليب الاختيار والتوجيه، والتأهيل، والتدريب المهنى. كما يجب عليه - أيضا - أن يعمل على إقناع المسئولين بأهمية التقييم العلمى لعمل العامل ولنشاطه.

6/2 على الاخصائى النفسى، الذى يمارس نشاطه مع الجماعات أو المؤسسات، أن يعمل بكل جهده على تدعيم إيجابياتها، والسعى لتحقيق صالحها، والحفاظ على أسرارها، باعتبارها عميلا أو مفحوصاً.


7- الإعلام والإعلان والشهادة :

7/1 يجب على الاخصائى النفسى أن يتجنب الوقوع أداة فى يـد الغير لتبرئةالمدان، أو لإدانة البرئ، أو للحجر على السوى، أو للإيداع فى مصحات نفسية، عندما يطلب رأيه فى ذلك، سواء من السلطة أو من القضاء.

7/2 يتحمل الاخصائى النفسى مسئوليته المهنية والأخلاقية فيما يتعلق بالبرامج الدعائية أو الإعلانية التى يقوم بها الآخرون عنه أو بمعاونته.

7/3 يقاوم الاخصائى النفسى ما ينشر أو يذاع من بيانات أو أفكار سيكولوجية غير دقيقة، وعليه فى ذلك استشارة زملائه والتعاون معهم فى تدعيم هذه المقاومة، ومحاولة تصحيح هذه الأخطاء.

7/4 يبتعد الاخصائى النفسى عن كل ما يثير الشبهات الخاصة بوسائل الدعاية والإعلام، فيما يتعلق بشخصيته أو ممارساته.

7/5 أى إعلان مدفوع يتعلق بأحد أنشطة الاخصائى النفسى يتعين أن يوضح به أنه إعلان مدفوع، مالم يكن ذلك واضحا من خلال السياق.

7/6 لا يشارك الاخصائى النفسى فى أحاديث أو مناقشات عامة إلا فى حدود تخصصه وأبحاثه واهتماماته.


8- حول تطبيق هذا الميثاق :

8/1 يجب على الاخصائى النفسى أن يكون ملما بهذا الميثاق الأخلاقى، وأن ينشر الوعى به بين الاخصائيين النفسيين الجدد، وبين كافة المتعاملين بالخدمة النفسية من التخصصات الأخرى، ولا يعتبر الجهل بمواد هذا الميثاق مبرراً لانتهاك مواده.

8/2 إذا حدث تناقص بين مواد هذا الميثاق وبين تعليمات المؤسسة التى ينتمى إليها الاخصائى النفسى، فالواجب عليه أن يوضح لإدارة المؤسسة، أو للمسئولين الرسميين طبيعة هذا التناقص، وأن ينحاز إلى جانب هذا الميثاق الأخلاقى.

8/3 فى حالة انتهاك الاخصائى النفسى واحدا أو أكثر من بنود هذا الميثاق، فعلى الآخرين السعى للفت بشكل ودى، وبصورة تضمن حثه على علاج الأثار السلبية لهذا الانتهاك الأخلاقى.

8/4 فى حالة استمرار الاخصائى النفسى فى انتهاكاته الأخلاقية، أو ارتكابه لفعل أخلاقى لا يمكن السكوت عليه، فعلى الآخرين إبلاغ لجنة المراقبة الأخلاقية فى الجمعية والرابطة النفسية المعتمدة في كل بلد، وذلك للتوصية باتخاذ الإجراءات المناسبة، وتقدير مدى الضرر الناجم، وتوقيع ما تراه مناسبا من عقوبات معنوية، قد يصل بعضها إلى حد الفصل من عضوية الجمعية والرابطة، أو الحرمان المؤقت منها، مع إبلاغ جهة عمله بنتائج هذا التحقيق.

8/5 يتم مراجعة بنود هذا الميثاق كلما دعت الضرورة لذلك، على ضوء ما يستجد من ظروف وممارسات تستوجب تعديل بنوده، ويتم إقراره من مجلس الإدارة والجمعية العمومية لكل من الجمعية والرابطة المعتمدة في علم النفس في كل بلد.

ملاحظة:
هذا الميثاق صادر عن الجمعية المصرية للدراسات النفسية لكن يمكن إعتماده كميثاق لباقي الدول العربية لشموليته و عدم توافر مواثيق في مجال أخلاقات علم النفس في باقي الدول...

منقول للإفادة ... تحياتي Hamza



(1) يقصد بالعميل فى هذا الميثاق كل المستهدفين بعمل الاخصائى النفسى؛ مثل: المرضى النفسيين، طالبى الإستشارات النفسية، الطلاب، المبحوثين فى الدراسات العلمية، والمرؤسين أو الأشخاص الخاضعين للتدريب أو الإشراف أو التقييم من جانب الاخصائى.

(2) أو موافقة ولى أمره إذا كان طفلا أو غير مسئول