السبت، 19 يناير 2013

للشاعر : خالد الميموني

ﻭﺟـﺪﻱ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﻠـﻲ ﻣﺎﺗـﺮﻳـﺢ ﺑﺪﻧـﻴـﺎﻩ 

ﻳﺮﻓـﻊ ﻳﺪﻳﻨـﻪ ﻳـﻢ ﺭﺑــﻪ ﻭﻳﺮﺟـﻴـﻪ

ﻳﺎﻟﻠﻪ ﻳﺎﻟﻤﻌﺒـﻮﺩ ﺗـﻤـﺴـﺢ ﺧـﻄـﺎﻳــﺎﻩ 

ﻭﺗﻔﻜﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠـﻲ ﻋـﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﺣﺎﺩﻳـﻪ

ﻣﺴﺠـﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺠـﻮﻥ ﺳﺒـﺔ ﺳﻮﺍﻳـﺎﻩ 

ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺨﻄﺎ ﻏﺼﺐ (ﻥ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻤﺸﻴﻪ

ﺍﺑﻮﻩ ﻃﺎﺡ ﻣـﻦ ﺍﻟﻤـﺮﺽ ﻣﺎﻟﻘـﻰ ﺩﻭﺍﻩ 

ﻭﺩﺍﻩ ﻟﻠﺪﻛـﺘـﻮﺭ ﺿـﻨـﻪ ﻳــﺪﺍﻭﻳــﻪ

ﻓﺤـﺺ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﻗـﺎ ﻝ ﻭﻳـﻼﻩ ﻭﻳـﻼﻩ 

ﻭﺩﻩ ﻟـﻠـﻨـﺪﻥ ﻛـــﺎﻥ ﺗﻘـﺪﺭ ﺗـﻮﺩﻳـﻪ

ﻭﺍﻧـﻜـﺎﻥ ﻣﺎﺗﻘﺪﺭﺗﺼـﺒـﺮ ﺑـﻤـﺎﺟـﺎﻩ 

ﺭﺑﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻠـﻲ ﻣـﻦ ﺍﻟﺴﺮﻃـﺎﻥ ﻳﻨﺠﻴـﻪ

ﻛﺴﺮ ﻭﺣـﺴـﺐ ﻣـﺪ ﻛـﻔـﻪ ﺑـﻤﺨـﺒـﺎﻩ 

ﻓﺘـﺶ ﻭﻣﺎ ﻳﻠـﻘـﻰ ﻟـﻮ ﺭﻳـﺎﻝ ﻳﺠﻨـﻴـﻪ

ﻣﺪﻳـﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﺪﻳـﻮﻥ ﻭﺷـﻠـﻮﻥ ﻳﻠـﻘـﺎﻩ 

ﻣﺎﻳﻤـﻠـﻚ ﺍﻻ ﺟـﻤـﺲ ﺑﺎﻗﺴﺎﻁ ﺷـﺎﺭﻳـﻪ

ﻗــﺎﻡ ﻳﺘﺮﻓـﺪ ﻣـﺪ ﻟﻠـﻨـﺎﺱ ﻳـﻤـﻨـﺎﻩ 

ﻛﻠـﻦ ﻳﻘـﻮﻝ ﺍﺫﻟـﻒ ﻭﻻﻧـﻲ ﺑﻤﻌﻄﻴـﻪ

ﻋﺰﻱ ﻟﻤﻦ ﺣﺪﻩ ﺯﻣﺎﻧـﻪ ﻋﻠـﻰﺍﻗﺼـﺎﻩ 

ﻳﺠﺪﻯ ﻭﻳﻨﺨﻰ ﻣﻴـﺮ ﻣﺤـﺪﻥ ﻧﻀﺮ ﻓﻴـﻪ

ﻭﻗـﺖ ﺍﻟﺮﺧـﻰ ﻳﺎﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ﻗـﺎﻝ ﻧﻔـﺪﺍﻩ 

ﺑﺎﻟﻤـﺎﻝ ﻭإﻻ ﺍﻟﺠـﺎﻩ ﺑـﺎﻟـﺮﻭﺡ ﻧﻔـﺪﻳـﻪ

ﻭﻗـﺖ ﺍﻟﺸﺪﺍﻳﺪ ﻛﻠـﻦ ﻳـﻘـﻮﻝ ﻓـﺮﻗـﺎﻩ 

ﻣﺎﻟـﻲ ﻭﻣـﺎﻟـﻪ ﺛــﻢ ﺭﻭﺡ ﻣﺨﻠـﻴـﻪ

ﺧﻠـﻮﻩ ﻓـﻲ ﻓﻘـﺮﻥ ﻭﻫﻤـﻦ ﻭﻣﺄﺳـﺎﻩ 

ﺍﻃﻴﺒﻬـﻢ ﺍﻃﻴﺒـﻬـﻢ ﺑﻬـﺮﺟـﻪ ﻳﻬـﺪﻳـﻪ

ﺍﻳــﺲ ﻭﻗـــﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻﺑـﺪ ﻣـﺜـﻮﺍﻩ 

ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﻗﺒﺮﻥ ﺑﺎﺑﻴﺾ ﺍﻟﺨـﺎﻡ ﻧﻄﻮﻳـﻪ

و رجع ﻟـﺪﺍﺭﻩ ﻳــﻮﻡ ﻛـﻠـﻦ ﺗﺒـﺎﻃـﺎﻩ 

ﻫﻮ ﻳﺤﺴﺒـﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻗـﺪﻣـﻪ ﺗﺤﺎﺗـﻴـﻪ

ﻣﺎﻳـﺪﺭﻱ ﺑﺼﻜـﺎﺕ ﺑﻘـﻌـﺎ ﺗـﺤـﺮﺍﻩ 

ﻓـﻲ ﻭﺳـﻂ ﺑﻴﺘﻠـﻪ ﺑﺎﻻﻗﺴـﺎﻁ ﺑﺎﻧـﻴـﻪ

ﺍﻟﺒﻴـﺖ ﻣﺤﺘﺮﻗـﻦ ﻣـﻦ ﺍﻋـﻼﻩ ﻻﺩﻧـﺎﻩ 

ﻭﺍﻟـﻮﺭﻉ ﻳﺒﻜـﻲ ﻭﺍﻟﻘﺼﻴـﺮﻩ ﺗﺤﺎﺿﻴـﻪ

ﺍﻣـﻪ ﺗـﻮﻓـﺖ ﻭﺍﻟﻤﺼـﺎﻳـﺐ ﺗﻘـﻔـﺎﻩ 

ﻣﺎﺗـﺖ ﻭﻻﺣـﺪﻥ ﺑﺎﻟﻤﺼﻴﺒـﻪ ﻣﻮﺍﺳﻴـﻪ

ماغير ﻭﺭﻋـﻦ ﻗﻄـﻊ ﺍﻟﻘـﻠـﺐ ﺑﺒـﻜـﺎﻩ 

ﺍﻟﻴﺎ ﺗﺨـﻴـﻞ ﺻــﻮﺭﺓ ﺍﻣــﻪ ﺗﺒﻜـﻴـﻪ

ﻋـﺰﻱ ﻟﻤـﻦ ﻛﺜـﺮﺕ ﺑﻼﻭﻳـﻪ ﻋـﺰﺍﻩ 

ﻳﺎﻗﻮ ﺑـﺎﺳـﻪ ﻳــﻮﻡ ﻋﻘـﻠـﻪ ﻣﻘـﺪﻳـﻪ

ﺛﻢ ﺟـﺎﻩ ﺭﺟﻠـﻦ ﺧﺎﻳﺒـﻦ ﻓـﻲ ﻧﻮﺍﻳـﺎﻩ 

ﻓﻌﻠـﻪ ﺧﺒﻴـﺚ ﻭﻻﺑـﻪ ﺍﺣـﺪﻥ ﻳﺴﻮﻳـﻪ

ﺍﺑﺸﺮ ﺑﻤﺎ ﺗﺒﻐـﻰ ﻣـﻦ ﺍﻟﻤـﺎﻝ ﻭﺍﻟـﺠـﺎﻩ 

ﻭﻧﺴﻔﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﻋﺴـﻰ ﺍﻟــﺮﺏ ﻳﺸﻔـﻴـﻪ

ﺑﻴﺘـﻚ ﻧﻌﻮﺿﻠـﻚ ﻗـﺼـﻮﺭﻥ ﻣﺒـﻨـﺎﻩ 

ﻭﻭﻟﻴـﺪﻙ ﺍﻟـﻠـﻲ ﻣﺒﺘﻠﺸـﺒـﻪ ﻧﺮﺑـﻴـﻪ

ﺍﻃﻠـﺐ ﻭﺍﻧﺎ ﺍﻋﻮﺿـﻚ ﺑﺎﻟﻠـﻲ ﺗﻤـﻨـﺎﻩ 

ﻟﻜـﻦ ﻋـﻨـﺪﻱ ﺷــﺮﻁ ﻻﺯﻡ ﺗﻠﺒـﻴـﻪ

ﻗﺎﻟﻮ ﻭﻧﻴﺘـﻚ ﻳﻄـﺮﺏ ﺍﻟﺤـﺎﻝ ﻣﻤـﺸـﺎﻩ 

ﺟﻤـﺴـﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﺟﻴـﺪﺍﺗـﻦ ﻣﻮﺍﻃـﻴـﻪ

ﺍﺟﻠـﺐ ﺣﺸﻴﺸـﻦ ﺭﺍﺱ ﻣﺎﻟـﻪ ﺩﻓﻌﻨـﺎﻩ 

ﻣﺎﺑﺎﻗـﻲ إﻻ ﻣـﻦ ﺍﻟﺴـﻮﺍﺣـﻞ ﺗﻌـﺪﻳـﻪ

ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺣﺎﺿﺮ ﻛـﻞ ﻫﺮﺟـﻚ ﺣﻔﻀﻨـﺎﻩ 

ﻣـﻦ ﺣﺮ ﻣﺎ ﻳﻮجس ﺑﺼـﺪﺭﻩ ﻭﻳﺨﻔـﻴـﻪ

ﻏﻴﺮ ﺯﻳـﻮﺗـﻪ ﻭﺍﻟـﺘـﻮﺍﻧـﻚ ﻣـﻌـﺒـﺎﻩ 

ﺿﺒـﻂ ﺑﻼﻛـﺎﺗـﻪ ﻭﻏـﻴـﺮ ﺑﻮﺍﺟـﻴـﻪ

وﻫﻔـﻪ ﻭﻗـﺎﻝ ﺍﻟﻤـﻮﺕ ﺣـﻖ ﻭﻋﺮﻓﻨـﺎﻩ 

ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻲ ﻣـﻦ ﺍﻟﻤـﻮﺕ ﻳﺤﻴﻴـﻪ

ﺣﻤـﻞ ﻭﻋﻮﺩ ﻗـﺎﻡ ﺑﺎﻟﺤـﻴـﻞ ﻳﺸـﻀـﺎﻩ 

ﻳـﻮﻡ ﺍﻟﺘﻔـﺖ ﻟﺠﻴـﻮﺏ ﺷﻬﺒـﻦ ﺗﺒﺎﺭﻳـﻪ

ﻭﻗـﻒ ﻭﺭﻗﻤـﻚ ﻳﺎﻟﻤﻬـﺮﺏ ﻛﺸﻔـﻨـﺎﻩ 

ﺍﻳـﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮ ﻭﻣﻮﺗـﻚ ﺍﻟـﻴـﻮﻡ ﺗﺤـﺮﻳـﻪ

ﺩﺯﻩ ﻳﺒـﻰ ﺍﻟﺼﻤـﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨـﻮﺭ ﻃـﻔـﺎﻩ 

ﻳﻮﻣـن ﻓـﻲ ﺟﻤﺴـﻪ ﺑﻌﻴـﺪﻩ ﻫﻘـﺎﻭﻳـﻪ

ﻣﺘﻌﺪﻳـﻦ ﺩﺑـﻲ ﻣـﻊ ﺍﻟﻠـﻴـﻞ ﺳــﺮﺍﻩ 

ﻭﺍﻟﺮﻣﻲ ﻣﻦ ﺣﻮﻟـﻪ ﻳﺼﻴﺒـﻪ ﻭﻳﺨﻄﻴـﻪ

ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻠﺼﺎﻓـﻪ ﻋــﻦ ﻳﻤﻴـﻨـﻪ ﺗـﻌـﺪﺍﻩ 

ﻳﺒﻐﻰ ﺍﻟﻠﻬﺎﺑـﻪ ﻳـﻮﻡ ﺿﺎﻗـﺖ ﻣﺴﺎﻋﻴـﻪ

ﻭﺟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻠـﺐ ﺍﻟﺤﻤﺮ ﻗـﺎﻡ ﻳﻨﺤـﺎﻩ 

ﺍﺿـﻦ ﺳـﺪﺭﻩ ﻋـﻦ ﻧﻀﺮﻫـﻢ ﻳﺬﺭﻳـﻪ

ﻣـﺎﻳــﺪﺭﻱ ﺍﻥ ﺍﻟﻬﻴﻼﻛﺒـﺘـﺮ ﺗـﻌـﻼﻩ 

ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺭﺍﺳﻪ ﺗﻜﺸـﻒ ﺍﻟﻠـﻲ ﻣﻐﻄﻴـﻪ

ﻭﺟﻴﻮﺏ ﺷﻬﺒﻦ ﻋﻦ ﻫﻮﻯ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺤـﺪﺍﻩ 

ﻭﻣﺴﻠـﺤـﻪ ﺑﻌﻴﺎﺭ ﺧﻤﺴـﻴـﻦ ﺗﺮﻣـﻴـﻪ 

ﺍﻟﻠﻲ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺮﺷـﺎﺵ ﺣﻘـﻖ ﺑﻤﺮﻣـﺎﻩ 

ﻫﻔـﻪ ﻋـﻠـﻰ ﻛﺘـﻔـﻪ ﺍﻟﻴﺎ ﻣﻴﺮ ﻣﻌﻤـﻴـﻪ 

ﺛـﻢ ﺍﻃـﺮﺣـﻮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻴـﻨـﻪ ﺑـﺒـﻠـﻮﺍﻩ 

ﻋﺰﻱ ﻟﻤـﻦ ﺭﺻـﺖ ﻛﻠﺒﺸـﺎﺕ ﺑﻴﺪﻳـﻪ

ﺣـﺮﺍﺱ ﻣـﻦ ﺣﻮﻟـﻪ ﻳﻤﻴﻨـﻪ ﻭﻳﺴـﺮﺍﻩ 

ﻭﺍﻟﺸﻴـﺦ ﻣـﻦ ﻗﺪﻣـﻪ ﻳﺤﻘـﻖ ﺑﻤﺎﺿﻴـﻪ

ﻗـﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣـﻲ ﻭﺍﺗـﺒـﺮﻉ ﺑـﺪﻋـﻮﺍﻩ 

ﻭﺍﺯﺭﻯ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴـﻪ ﻳﺒﺮﻳـﻪ

ﺛــﻢ ﺍﻋﻠﻨﻮﺍ ﺳﺠـﻨـﻪ ﻣﺆﺑﺪ ﺣﻜـﻤـﻨـﺎﻩ 

ﻣﺎﻋﺎﺩ ﻳﻄـﻠـﻊ ﻛﻮﺩ ﻋـﻤـﺮﻩ ﺑﻴﻨـﻬـﻴـﻪ

ﻭﺍﺑـﻮﻩ ﻣــﺎﺕ ﻭﻻﻟﻘـﺎﻟـﻪ ﻣـﺮﺍﻋـﺎﻩ 

ﻭﻭﻟـﻴـﺪﻩ ﺑﺪﺍﺭ ﺍﻟﻴـﺘـﺎﻣـﻰ ﺗـﻐـﺬﻳـﻪ

ﻫﺬﺍ ﻗﺼﻴـﺪﻱ ﻳـﻮﻡ ﺟﺒـﺘـﻪ ﻋـﻠـﻰ ﺁﻩ 

ﻳﺎﻟﻴـﺖ ﺑﻌـﺾ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﺗﻔﻬـﻢ ﻣﻌﺎﻧﻴـﻪ

ﺍﻟﻄﻴـﺐ ﺍﻟﻄﻴـﺐ ﻳـﻤـﻮﺕ ﻭﻓﻘـﺪﻧـﺎﻩ 

ﻭﺍﻻﺍﻟـﺮﺩﻱ ﻟﻮﻣـﺎﺕ ﻣﺤـﺪﻥ ﺍﺑَﺎﻛـﻴـﻪ



خالد الميموني 

الجمعة، 11 يناير 2013

د - أنمار مطاوع









الحياة في الجامعة تنقلب أحيانا كثيرا لما يُشبه العِداء بين أستاذ المادة والطالب، ويتفنن كل منهما في تعكير حياة الأخر. وأنا عايشت الكثير من الأساتذة الذين يمارسون هوايات من نوع غريب تُصنف تحت هواياته التي لا يعلم عنها أحد، أو هواياته التي لا يمارسها في بيته أبدا. أجزم بأن الكثير منهم يختلق شخصية أخرى يتقمصها بعنفوان أكاديمي ويتراقص معها في ممرات الجامعة، وكأن بعضهم لا زال يقتات من وهم الشهادة التي حصل عليها في أبعاد الأرض المختلفة وبها يعلو عن الاقتراب من الطالب. كأني ببعضهم يمارس سادية أدبية في حق طلابه. ما الذي يجعلني أنا وغيري من الطلاب نتشوق لهذا الحديث، طبعا تشوّق المُضام، بل ونقتص الكثير من الوقت لما يشبه التفريغ النفسي لما نعانيه من علاقة متوترة وغريبة مع الأساتذة، الذي يدعوني لهذا هو وجود النقيض، بمعنى وجود الأصل في صفة النقيض. أنمار مطاوع هو الأصل في صورة النقيض. إنه أحد القِلة " المُندسة" من الأساتذة الأحياء الذين يمثلون ويستحقون كلمة " أستاذ". وبما أننا في الجامعة بتنا نتلقط خيط سلامتنا فيما يشبه الخضوع الكامل للأساتذة فنناديهم في انجفاء لحظي " يا دكتور .. يا دكتور..! " ، وهو لم ينل درجة الماجستير أصلاً، ولا يُضيره أن نناديه بهذا اللقب الثمين، بل لا تملك نفسه تطوعا إنسانياً فيُخبرنا بأنه لم يَنل الدكتواره بعد. إن شخصية أنمار مطاوع أثبتت فعلياً نجاح أستاذ الجامعة في صورة أستاذ الجامعة، أرجو أن يكون حديثي مفهوماً. لقد باتت شخصية أستاذ الجامعة مزدحمة بتعقيد أثيري وعتيق لتتحول فيما يشبه نظرية التطور إلى كائن غير قابل للاستجابة لعملية الإتصال الانساني أثناء وقت المحاضرة وبعده وفي كل وقت أخر. أضف يا سيدي إلى ذلك النظرة العامة التي ينظر بها معظم الأساتذة إلى الطلاب على أساس من أنهم جهلة وأغبياء وغير مُجهزين أبدا ليتحولوا من طلاب إلى مرحلة أخرى أياً كانت. هل تجدني متشائماً ؟!، أبداً .. هذا حقيقة ما يحدث. ولماذا احكي هذا الحديث الناقد أصلاً وأنا اريد أن احكي أنمار مطاوع ؟! بسبب العلّة والخطأ التي باتت أصلاً بانتشارها وتكررها. ست سنوات قضيتها في الجامعة لم يشاهدني أنمار مطاوع مرةً إلا وابتسم في وجهي وهو لا يعرف حتى اسمي، ولكنه يعرّف جيدا أني انتظمت في مادة "مهارات الاتصال" في شعبته الزكية في أول فصل دراسي لي. يعرف أني درست عنده مرة ولم ينسني أبداً. لقد تذكرت وجوه بعض أساتذتي في الثانوية الذين كانوا يشيحون بوجوههم عني عندما يروني خارج المدرسة كأني لقطة عِفنة عكّرت لحظة عاديّة من حياتهم. والمرات التي كنتُ فيها قريباً منه ابتدرَ بيده مصافحاً لي قد ارتسمت على وجهه ابتسامة عذبة صافية صادقة قد رضي الله عنها، ثم لا يترك يدي حتى اترك يده، وقد انفجرت فيّ طاقة الخجل الطبيعية، فيناورُ معها في جمال حواري جمّله الله به، حتى ينتزع مني بعض الكلمات في شكل إجابات لاسئلته الصادقة الخفيفة. وفي المرات التي أشاهده فيها يتحدث مع أحدهم اتوقف بعيداً انظر إليه، أنا أحبه، وتعجبني حيويته التي يبعثها نحو مُحدثه، إنه يحني رأسه خافضا أذنه لفمِ صاحبه، سواءً كان أستاذاً أو طالباً أو عاملاً، ثم يتجه إليه بكل شعوره وحواسه يُسير إليه طاقته المنعشة وخبرته وجوابه في شكل حوار إنساني جذّاب لا متقطع ولا مُمل. في لحظات الوقوف أمام هذا الانسان أشعر بتأنيب يأكل شطائر الفرحة في قلبي، حيث إني أقع فريسة النظر إلى جمال خُلقه مُزدان بجمال خَلقه وانسى حديثي الذي جئتُ من أجله، يبتسم لي وينتظرني حتى اُواري ارتباكي واُرتب جُملتي وبعدها ينفحني بحديث عذب وكلمات تتدلى في أذني مثل الشعور البكر حين يعتصف بالنفس فيُغلفها فيما يُشبه الاحتواء الزكي. هؤلاء الطلاب الذين يتسربلون في الممرات وفي ساحات مباني الكلية يستوثقون من أصدقائهم السابقين سُمعة كل أستاذ، ووفقا لهذه السُمعة والشهرة يَمدّون حواسهم للقياس والتأكد، هذه شريعة الجامعة وعلى الرغم من اهترائها إلا أنها شريعة تحظى بمؤيديها الكُثر. هؤلاء الطلاب يتعلموا أساليب أخطبوطية ماكرة في تعاملهم مع أساتذتهم، فهم في الغالب يتشبثوا بالنفاق ويلتزموا بخاصية تقلّب الحرباء و"التمزمج" - إن صح التعبير- وفقاً لمزاج الأستاذ وحالته الشاعرية الوجدانية !. فهم يصطنعوا وجوها ليست وجوههم وكلاما ليس هو بالفعل ما تضجّ به أفئدتهم، ثم يبذلوا ابتسامات صفراء وغبراء ورمادية جافة رغم بهائها الظاهر وزاهية التزلف وزائفة جدا كالأقنعة البلاستيكية المّلونة، حتى يرضى عنهم هذا الأستاذ المُوقّر ويمنحهم درجة العبور. لدينا في الجامعة عدة تصنيفات لهؤلاء الأساتذة من هذا النوع. لدينا أساتذة " العبور"، وأساتذة " 75"، وأساتذة " حلاوة مصاص"، وأساتذة" حول العالم"، والله يستر. وهذا يُثقل كاهل الطالب النفسي ويفقد الراحة ويشعره بضياع نفسه بين هذا التنوع الغريب، ولكن الاستراحة الأكيدة والمنشودة هي المحاضرة التالية التي ستكون عند الدكتور أنمار مطاوع. لأن المحاضرة عنده ليست مُجرد درس في الجامعة، إنها درس مؤكد للحياة بأكملها، فتنة الإلقاء والاتصال بالطلاب تظهر في أوجّها في القاعة التي تحتضن هذا الرجل، في الحقيقة إنه لا يُلقي الكلام جِزافاً، بل يُعده إعدادا طويلاً. الآن افتقد أنمار مطاوع بعد أن تخرجت من الجامعة، وأيقنت أن الدكتور أنمار كان يُعطي محاضرة طويلة على مدى سنوات دراستي في الجامعة، محاضرة مُتصلة حتى في اللحظات العابرة التي يبتسم لي فيها حين أصادفه في الممرات. يعلم كل الطلاب الذين درسوا عنده، أنه الدكتور الوحيد الذي لا يُحضّر الطلاب، وذاتهم هؤلاء الطلاب لا تتواطئ قلوبهم ليُفوتوا محاضرة واحدة عنده. لقد احترَمَنا هذا الدكتور، لقد اشعرني بوجودي على هذا المقعد البارد، لقد اشعرني بأهمية رأيي، لقد أنصتَ إلي بكل إهتمام، لقد اقترب من كل طالب كان يتحدث، لقد كان يسمح بكل مداخلة، - كلمة يسمح هنا هي كلمة شاذّة وغبر مناسبة- ولكنه كان منفتح للغاية مع كل كلمة ينطق بها أي طالب في القاعة. واتذكر كثيراً وجيدا أنه تعاطى بأريحية وصدق مع كل الطلاب الذين يطرحون أسئلة خارج نطاق المادة وكنّا نحن الطلاب نتذمر من خروجهم عن المنهج. تتملء القاعة وأنمار يستحيل أن يُحضّر الطلاب. هل يعلموا الاساتذة الأخرين ؛ ما الذي يفعلونه بنا ؟ وهل يعلموا حقا ما الذي يفعله لنا أنمار ؟ حقا .. حقا.. عليهم أن يعلموا، ولا عيب أن يتعلموا. عملية التعليم هذه العملية المعقدة يجدر بها حينما تصل إلى هذه المرحلة العمرية أن تتجه نحو الإنفتاح بما يؤهل المُتعلم للاندراج في كيانها وتحت ظِلالها برغبة فكرية ونفسية أكبر وأعظم. وهنا يتنافس أساتذتنا إلا ندرة منهم في تقويض بنيان هذه الفكرة التعاونية للمضي بالحياة والجو التعليمي الجامعي نحو سماء أكثر وضوحاً وصفاءً خيراً من هذه العتمة إلا قليلا من ضياء زاكي. إن الدافع لدى أنمار هو أن يُعيد الثقة المفقودة لدى الطالب السعودي الذي اجهضها التعليم طوال سنوات دراسته وعلى مراحل... وحتى في تلك المرات التي حضرن فيها طالبات عبر الدائرة التلفزيونية وكان بإمكانهن سؤال الدكتور عبر الهاتف، كنتُ ابصر رجلاً يعي معنى أن يهب الطالبة السعودية فرصة لتقدم سؤالها عن بُعد ومن خلف ما يشبه السوار الآمن، لقد رأيته يبذل الاحترام للجميع ويحاول بأقصى ما يُمكن أن يُشرك الجميع في هذا العمق. أعلم جازماً أني اُعبّر هنا عن الكثير من الطلاب والطالبات الذين يحملون في أنفسهم محبة مزدهرة وعظيمة لهذا الانسان، وهذا يفرحني، لأن ظروف الجامعة لا تسمح في كثير من الأحايين أن نظهر مثل هذا الحب، ولكن  أنمار يعلم جيداً ما يفز عن أعيننا حين تراه وما يتلألأ في وجوهنا ونحن نتحادث معه. وقبل أقل من شهر كنتُ ألتقيته عند مكتبه وبعد السلام عليه طلبتُ منه توصية أو تزكية، فرد بالإيجاب وقال ستجدها بعد قليل عند السكرتير. وحين استلمت التوصية وجدته قد كتب لي مالم يكتبه الأستاذين الأخرين اللذين طلبت منهما ذات التوصية، كتب في سطر الملاحظات : "السيد الزهري واحد من أفضل 5 طلاب في فصلي ! ". يهمّه كثيرا الثراء الذي يبعثه في أنفسنا. هو يعلم جيدا ونحن نعلم أننا بحاجة لمزيدا من التعليم ومزيدا من الفرص لنصل لتلك الدرجة التي نحصل بعدها على مثل هذه العبارة، ولكنه يتعمد أن يمنحها مبكرا ولنحصل على الدرجة فيما بعد. أجد في وحي نفسي الكثير من الحديث، ولكني لا أود أن افكك واقطع وارتب قطعي الحرفية لأني ضعيف في رتق بنية هذا النص وربما احوّله من مجرد مصافحة لباطني وإحسان يُمكّني من المضي إلى ما يشبه مقطوعة وفاء سامجة، على الرغم أن الوفاء صفة حميدة، ولكن هذا الحديث ليس لمجرد الوفاء ولكنه إبراء لذمتي حيث تستطيع بعد ذلك أن تلوذ بالحياة من جديد. ومرة وبعد أيام قليلة من وفاة والد الكتور أنمار، رجل الصحافة السعودية حامد مطاوع الله يرحمه، اقتربت منه اقدم له واجب العزاء، صافحته وسألته عن صحته وحاله وبقي صابراً وفياً ينتظر مني أن اقدم له تراتيل العزاء كما قدمها كل الطلاب له، وبعد ذلك اصبحت أشعر بمزيج من الشجاعة والاحتفال بأني عرفت هذا الرجل وكأنه لا يشبه أستاذ في الجامعة، فقد اجتث من مستنقعات خوفي صروحا وأصناما خلقتها الجامعة في داخلي لسنوات ممتدة. متأكد أني ذكرت في السطور السابقة كلمة " زكي" ثلاث مرات لأنها تعني أنمار. رحم الله أيامك يا دكتور أنمار. كم أحبك .. وكم يفرحني ويجعلني مسرورا منظر دخولك قاعة المحاضرة كل مرة., وكل يوم. 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







الخميس، 10 يناير 2013

أعف لدى عسري





" وَلَسْتُ إِذَا مَا سَرَّنِي الدَّهْرُ ضَاحِكًا
 وَلا خَاشِعًا مَا عِشْتُ مِنْ حَادِثِ الدَّهْرِ

وَلا جَاعِلا عِرْضِي لِمَالِي وِقَايَةً
وَلَكِنْ أَقِي عِرْضِي فَيَحْرِزُهُ وَفْرِي

أَعَفُّ لَدَى عُسْرِي وَأُبْدِي تَجَمُّلا
وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَعِفُّ لَدَى الْعُسْرِ

 وَإِنِّي لأَسْتَحْيِي إِذَا كُنْتُ مُعْسِرًا
 صَدِيقِي وَإِخْوَانِي بِأَنْ يَعْلَمُوا فَقْرِي

 وَأَقْطَعُ إِخْوَانِي وَمَا حَالَ عَهْدُهُمْ
حَيَاءً وَإِعْرَاضًا وَمَا بِيَ مِنْ كِبْرِ

فَإِنْ يَكُ عَارًا مَا أَتَيْتُ فَرُبَّما
أُتِيَ الْمَرْءُ يَوْمَ السُّوءِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي

 وَمَنْ يَفْتَقِرْ يَعْلَمْ مَكَانَ صَديقِهِ 
وَمَنْ يَحْيَى لا يُعْدَمْ بَلاءً مِنَ الدَّهْرِ


 فَإِنْ يَكُ أَلْجَأَنِي الزَّمَانُ إِلَيْكُمُ
 فَبِئْسَ الْمَوَالِي فِي الضَّيْعَةِ وَالذَّخْرِ " .




الأربعاء، 2 يناير 2013

المشاؤون


اتجاه فلسفى سار أصحابه على فلسفة أرسطو (348 ق. م- 322 ق. م)، وعرفوا باسم المشائيين، وكان له ملامح محددة أصبحت فيما بعد ركيزة عدة تطورات فلسفية. والمشاء، كثير المشى، والمشائى هو الأرسطى، سمى مشائيا لأن أرسطو كان يعلم تلاميذه ماشيا، والمشائى رمز إلى الممشى أو الرواق الذى كان يلقى أرسطو فيه محاضراته، أو رمز إلى طريقته فى التدريس، وهو يطوف فى الرواق وقد أحاط به تلاميذه.

وأصبحت المشائية بعد ذلك اصطلاحا للفكر الأرسطى ومن شايعه فى التفلسف، سواء من تلقى علّيه علوم الفلّسفة بالمباشرة، أو من تتلمذ علّى كتبه إما بالدراسة فقط أو بالدراسة والشرح والتعليق.

وللمشائية صور متعددة بقدر فهم الشعوب. وبقدر استيعاب الأفراد، فأرسطو عند الرومان غيره عند العرب. ففى الحضارة العربية نرى أرسطو بصورة تختلف عنها فى الحضارة الغربية.

وقد انتقلت فلّسفة أرسطو عبر مدرسة الاسكندرية إلى مدارس إنطاكية والرَّها ونصيبين وحران، وسواها من مراكز التعليم التى شغلت بصورة خاصة بترجمة منطق أرسطو من اليونانية والتعليق عليها كجزء من الدراسات اللاهوتية.

وقد سميت هذه المرحلة باسم المرحلة السريانية فى تطور المشائية وكانت تمهيدا للمرحلة العربية الإسلامية التى تجاوزت إطار الدراسات المنطقية الضيق لتناول فلّسفة أرسطو إلى الاهتمام ببقية فروعها الطبيعية والإلهية، والفلّكية، ومثل أرسطو عند العرب الاتجاه العقلى وظهر بدرجات متفاوتة عند فلاسفته.

ولم يحصر فلاسفة العرب فكرهم داخل الإطار الأرسطى فقط، بل أضافوا إليه بعض العناصر من أفلاطون وأفلوطين، وقاموا بالتوفيق والمزج بين عدة آراء وإفرازها فى مركب واحد يحمل ملامح التفكير اليونانى والروح الإسلامية.

وحاولت المشائية الإسلامية إيجاد صيغة مشتركة بين الدين والفلسفة وإن لم تتعادل فى النظر إلى الطرفين، بل كانت رؤيتها إلى الفلسفة أميل، ولجأت إلى التأويل لترسيخ ملامح التوفيق، وكان منطلقها فى ذلك أن النص الدينى يخاطب بظاهره جمهور الناس. 

أما الخاصة فينبغى أن يكون لهم تصوراتهم الخاصة مع الإيمان بأن فى النص ثنائية.
وأول علم من أعلام المشائية العربية هو أبو إسحاق الكندى (ت 866 م) الذى جمع بين الدين والفلسفة وألف فى جميع أبواب الفلسفة والعلوم. جاء بعده الفارابى (ت 950 م) إمام مناطقة عصره، وأول شارح من شراح أرسطو الكبار فى العربية، أطلق عليه لقب المعلم الثانى خلفا لأرسطو المعلم الأول، وجاء بعده ابن سينا لتكتمل به سلسلة فلاسفة الإسلام فى المشرق المتابعين لأرسطو، ولكن ليس متابعة كاملة، فهم لا يمثلون المشائية الخالصة بل أضافوا إليها مؤثرات أخرى. وقد هاجم الغزالى هذه المشائية المشرقية فى كتابه (تهافت الفلاسفة) وحصر آراءهم فى عشرين مسألة، كفرهم فى ثلاث منها، وكان لهذا الكتاب أثره فى زعزعة الفلسفة فى المشرق.

وانتقلت المشائية من المشرق إلى المغرب وأخذ بها ابن باجة (ت 1138م) وابن رشد (ت 1198م) الذى دافع عن الفلسفة ضد هجمة الغزالى فى كتابه (تهافت التهافت) إلا أنه لم ينجح بصورة عامة فى دفع التهمة عن المشائية وظلت الفلسفة بعد ذلك من العلوم المكروهة فى بلاد الأندلس.

ويعد ابن رشد وحده الممثل الخالص للفكر المشائى، وأعظم شارحى أرسطو فى العصور الوسطى. إذ هاجم كل انحراف عن فلسفة أرسطو، وهاجم الفارابى وابن سينا فى عدد من الآراء التى نسبوها إلى أرسطو. ورفض كل خروج عن نص أرسطو ارتكبه الآخرون،إذ تمسك تمسكا شديدا بآراء أرسطو.

ولابن رشد الفضل الأكبر فى إيضاح نص أرسطو المترجم إلى العربية ووضع تقسيمات وتمييزات بين مفاصل أقوال أرسطو، وهو أمر سيتأثر به فلاسفة العصور الوسطى فى أوروبا وعلى رأسهم ألبرت الكبير، وكانت شروح ابن رشد مصدرا أساسيا لفهم فلسفة أرسطو.

وظل مناطقة عصر النهضة الأوروبية فى القرنين الخامس والسادس عشر حين أرادوا العودة إلى منطق أرسطو فى أصوله ينهلون من النص الأصلى أو الترجمة لكتب أرسطو فى المنطق مستعينين بشروح ابن رشد المختلفة واستمرت المشائية بعد ذلك فى إطار مسيحى لاتينى بلغ أوجه عند القديس توما الأكوينى وبعدها أخذت المشائية فى الانحسار.

أ. د/ منى أبو زيد
المراجع
1- موقف المشائية الإسلامية من النص الدينى. إنشاد محمد على، القاهرة سنة 1991 م.

2- المعجم الفلسفى جميل صليبا، جـ2 دار الكتاب اللبنانى بيروت سنة 1982 م.

3- أرسطو عند العرب- عبد الرحمن بدوى، وكالة المطبوعات الكويت، ط 2، سنة 1968 م.

4- المعجم الفلسفى د. مراد وهبة وآخرون، دار الثقافة الجديدة القاهرة، ط 2، سنة 1971 م.

5- الموسوعة الفلسفية العربية، نشر دار الإنماه العربى بيروت، مج 2 القسم الثانى مادة (المشانية) بقلم د. ماجد فخرى- ط 1 سنة 1988م.

الثلاثاء، 1 يناير 2013

من أساليب المحققين ...


يستخدم العدو الصهيوني العديد من الآليات لاستنطاق المعتقلين لديه, ويستخدم الأساليب النفسية والجسدية وأساليب علمية جديدة, ومن ضمن الأساليب المتقدمة التي يحاولون الحصول بها على معلومات الايهام بقدوم معلومات جديدة وحاسمة.

وفي كثير من الأحيان لا يكون لدى المحققين في جهاز الأمن العام الصهيوني "الشاباك" أي معلومات واضحة عن المتهم والاعتقال يكون فقط لمجرد الاشتباه، وبعد استخدام العديد من الأساليب مع المعتقل في محاولة لدفعه إلى الاعترافات والتي قد لا تجدي نفعا يصل المحققون إلى شبه قناعة بأن المتهم لا شيء لديه.

ولكنهم يضعون فرضية أن لديه شيء وقد نجح في الصمود وعدم الاعتراف، لذا يلجئون إلى حيلة يوهمون بها المتهم أنه قد جائتهم معلومات جديدة.

فبعد فترة من الترك وعدم الحديث معه، يستدعونه على عجل، يدخلونه احدي المكاتب حيث يكون في انتظاره عدد كبير من المحققين أو يندفعون وراءه على الغرفة وكأنهم يتهيئون للانقضاض عليه بكل شراسة، ويبدءون في عمل حركات تدل على ذلك وقد يتحدثون معا بصورة يفهم منها المعتقل ذلك.

وقد يتبادلون ورقة أو أوراق مكتوبة ويقرؤونها باهتمام كبيرين وكل واحد يقرأها ينظر للمعتقل بحدة ويهز رأسه وكأنه يهدد ويتوعد، وهكذا بصورة مختلفة مما يفهم المعتقل أن سره قد افتضح وأنه قد جاءتهم معلومات ما عنه من جهة ما الأمر الذي يجعل استعداديته أكبر للبدء بالحديث استجابة لهذا الأسلوب أو له ولأساليب أخرى معه.

مثل هذا الأسلوب يستخدم عادة كورقة أخيرة قبل أن يقرر المحققون قرارهم النهائي بإطلاق سراحه أو تحويله للمجلس الإداري مثلا، وما داموا سيطلقون سراحه فلا بد من تجربة هذا الأسلوب.

وأحيانا يلجأون حتى إلى استخدام جولة أو جولات قوية وعنيفة جدا من الضغط الجسدي التي يعتقدون أنهم من خلالها سيحسمون الأمور فإما أن تنطلي الخدعة على المعتقل ويظن أنه قد جاءتهم معلومات جديدة فيعترف، أو يبدو منه ما يشير على أن لديه شيء فلا يتسرعوا بالإفراج عنه، أو أن يتعزز لديهم الشعور بألا شيء لديه من خلال استمرار ثباته وصموده وإصراره ألا شيء عنده.
وهنا نذّكر في موقع المجد الأمني أن المعتقل صاحب الخبرة يعرف جيدا أن مثل هذه الجولة تعني قرار حسم المعركة لصالحه، وأن قناعاتهم قد بدأت تتبلور بعدم وجود شيء لديه، فيصمد هذه الجولة، ويدفع من خلال ردوده في هذا الاتجاه بالردود أنه برئ ومظلوم ولا شيء لديه وأنهم مخطئون باعتقاله.