( اسكني يا جراح )
أُسْكُتي يا جرَاحْ ** وأسكني يا شجونْ
ماتَ عهد النُّواحْ ** وَزَمانُ الجُنُونْ
وَأَطَلَّ الصَّبَاحْ ** مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فِجاجِ الرّدى ** قد دفنتُ الألَمْ
ونثرتُ الدُّموعْ ** لرياحِ العَدَمْ
واتّخذتُ الحياة ** مِعزفاً للنّغمْ
أتغنَّى عليه ** في رحابِ الزّمانْ
وأذبتُ الأسَى ** في جمال الوجودْ
ودحوتُ الفؤادْ ** واحة ً للنّشيدْ
والضِّيا والظِّلالْ ** والشَّذَى والورودْ
والهوى والشَّبابَّ ** والمنى والحَنانْ
اسكُني يا جراحْ ** وأسكُتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواحْ ** وزَمانُ الجنونْ
وَأَطَلَ الصَّباحْ ** مِنْ وراءِ القُرونْ
في فؤادي الرحيبْ ** مَعْبِدٌ للجَمَالْ
شيَّدتْه الحياة ْ ** بالرّؤى ، والخيال
فَتَلَوتُ الصَّلاة ** في خشوع الظّلالْ...
وَحَرقْتُ البخور... وأضأتُ الشُّموع
إن سِحْرَ الحياة ْ ** خالدٌ لا يزولْ
فَعَلامَ الشَّكَاة ْ ** مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
ثمَ يأتي الصبَّاح ** وتمُرُّ الفصولْ..؟
سوف يأتي رَبِيعْ ** إن تقضَّى رَبِيعْ
فاسكُنِي يا جراحْ ** وأسكتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواح ** وَزَمانُ الجنونْ
وأطلَّ الصَّباحْ ** مِن وراءِ القُروُنْ
من وراءِ الظَّلام ْ ** وهديرِ المياهْ
قد دعاني الصَّباحْ ** وَرَبيعُ الحَيَاهْ
يا لهُ مِنْ دُعاءُ ** هزّ قلبي صَداهْ
لَمْ يَعُد لي بَقاء ** فوق هذي البقاعْ
الودَاعَ! الودَاعَ! ** يا جبالَ الهمومْ
يا هضَبابَ الأسى ! ** يا فِجَاجَ الجحيمْ
قد جرى زوْرَقِي ** في الخضمِّ العظيمْ...
ونشرتُ الشراعْ... فالوَداعَ! الوَداعْ
أبو القاسم الشابي .
**
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق